الثلاثاء، 29 يناير 2008

أحبكِ ولكن ....

أُحبكِ ولكن .......

وقفت تستحلفه نظراتها أن يتريث قليلا ويبقى بجوارها ولسان حالها ينطق : هل أسكب العطر في راحتيك ؟ دعني ألملم شتات نفسك الراغبة في الرحيل حتى تسكن لدي . اعطني فرصة واحدة .إلا أنه رمقها بنظرة أماتت داخلها كل رغبة في بقائه ، فصمتت .خرج وقد لملم كل حاجياته وما يخصه ومضى .سمعت صوت انغلاق الباب خلفه فتذكرت أنه نسى شيئا هاما ؛ لقد نسيها خلفه !! وقفت شاردة تبحث عنه وعنها ، إن هذا مكانه ، بيته ، سريره ، كل شيء هنا له وقدا اختاراه سويا .صرخت بقوة تناديه ، صدمها صدى ضحكاتهما فقالت : اصمتي أيتها الضحكات ، اصمتي ؛ لم يعد هناك غير الدموع ، لقد مضى صاحبك رفيق الدرب .تملكتها الحسرة وهي تتذكر أيامهما ، وذلك المكان الذي ضمهما عروسين وقد تناثر الحب فيه ، ورفرف العشق به ، وتجلت السعادة ، تعانقت البسمات ، تضافرت الأمنيات ، ورُسمت خطط مستقبلهما .مسحت تلك العبرات التي وجدت بسهولة سبيلا لوجنتيها ، وهي تتوجه للشرفة تشاهده وهو يبتعد ، سالكا طريقا ليست فيه ، تلك الشرفة التي شهدت صباحات عديدة لهما سويا ، جلست على مقعدها المفضل ، ترمق الأخر الذي خلا من صاحبه . كم جلسا هنا يتناولان إفطارهما ويتطلعا للشارع الفسيح ، الرحيب رحابة قلبيهما ، وحين ترشف أولى رشفاتها من فنجان قهوتها يسارع بخطفه من يدها ليتناوله عن آخره وهو يعطيها فنجانه ويقول : عايز دايما أجري وراكي . قالت والحزن يلفها : لم تجر ورائي يوما ، بل أنا التي أرهقني العدو خلفك .لماذا تهرب يا حبيبي ؟!!!!تدافعت الذكريات التي كانت تجترها في ألم وحسرة ، كل ركن من أركان البيت تجلت فيه ذكرى ، وأحست رائحته تحيط بها وكأنه كان في حضنها لتوه .كم سكبت في تلك الليلة من كؤوس الدمع وتجرعت مثلها من الندم .إنها من أضاعه ، من خنقه ، طوقته بطوق من حديد وأحكمت الغلق ، وما إن وجد الفرصة ليحطمه ويهرب لم يفكر سارع بالفكاك منها .ذات يوم قال لها في غمرة انفعال : عايز أحس إني نفسي ، عايز أشوف الدنيا بعيد عنك ، اتخنقت ، معرفتش أجري وراكي لأنك دايما حواليا .كانت تقابل ثوراته بصمت يُميته ، قادرة هي على استفزازه وإثارته صمتت أو تكلمت ؛ وتجلس ببرود لتشاهده وقد اشتد به الغضب بفرحة تطل من عينيها لتؤكد لديها صدق حدسها وأن ثورته دليل على أنه يداري أفعاله .أين كان الماضي من الآن وهي تطلع إليهما في صورة زفافهما وجهين مرحين مليئين بالفرحة والأمل والاطمئنان ، شتان الفرق بين ما كانا عليه وما آل إليه الحال ووجهان يحملان حسرة وبؤسا وانعدام أمان .أكان مخطئا بإتمام زواجه منها ؟ لقد اعتقد أنه بامتلاكها له وامتلاكه لها ستكف عن تلك المشاعر الحمقاء التي تصيبها بين حين وآخر وشكوك غيرتها التي كان يتجاهلها كثيرا لحبه وعشقه الكبير لها . لكنها زادت من غيرتها ، من شكها ، صارت تلاحقه في كل مكان وفي كل وقت ، شعر بها في الماء الذي يشربه ، في دخان سجائره الذي ينفثه.باتت كالسيل حين ينهمر ولا يتوقف ، حاول كثيرا أن يثبت لها حبه ولا فائدة ، دائمة الشك ، شديدة الغيرة .صار قلبه العاشق سجينا حبيسا في داخله يبحث عن الحرية ، يريد أن يتنفس دون أن يجدها خارجة مع زفيره ، لذا كان عليه السير دونها ، المضي في طريقه بلا عودة للوراء .لابد وان ينجو بما بقى من نفسه .في حين جلست هي تبكيه وتتدثر بفراشه ، تتنسم عبيره ووجوده وتبكي ..... وتبكي ، لكن أيفيد البكاء على اللبن المسكوب ؟

رباب كساب
5/1/2008

عاشقان

عاشقان
أنا وهو حبيبان لم نفترق يوما ، عرفته منذ ميلادنا لا بل مذ كان جنيناً في رحم أمه .
بيني وبينه الكثير والكثير ، هويته وهواني أعطيته كل ما لدي وما أملك ، لم ابخل أو أضن ، رهن إشارته كنت وطوع بنانه عشت .
كان لي وكنت له حتى تسلل إليّ المرض وصار ينهش أوصالي ويحطم على جدره أحلامي كدت أنهار وأتداعى لولاه ، وقف إلى جواري ، ساندني وجند نفسه لخدمتي لأكون حتى لو لم يكن هو .
أخذوه مني وتركوني أشاهد انتهاكه ، رأيتهم بعيني التي لم أستطع أنْ أغمضها ، رأيتهم يسحلوه ويتلذذون بعذابه وبعذابي من أجله .
أبصرته معلقاً في الهواء مربوطة يديه إلى أعلى وجسده يتدلى وأثار ركلاتهم وضرباتهم عليه ، اختفت ملامحه .
نزل السوط على ظهره لينتفض جسده انتفاضة كاد يقف معها قلبي ، تلقى ضربة على صدره لتكون انتفاضة أخرى دون آه تخرج منه ، ترك لي الآهات والصراخ .
أذكر في لحظةِ صفاءٍ بعيدة كنت وهو حين قال لي : لو بيدي لجمعت نجمات السماء لأرصع لك بها تاج مُلكك ، وأغوص في بحارٍ وبحار وآتيك بكل لؤلؤة لأصنع منها عقدا يزدان به جيدك ، ومن شعاع الشمس أخيط ثوبك الشفاف ، ومن سنا القمر هالة أخفيك فيها عن العيون .
سمعته ولم أتمكن من الرد ، لم أعرف ماذا أقول ، انحدرت دمعة من عيني فلثم دمعتي تلقاها بشفتيه وطبع قبلةً على جبيني وذبت في حضنه .
وها هم يأخذوه مني نزعوا أظفاره حتى لا ينبش بيديه في تاريخهم ، تتوالى الضربات والصفعات ومع كل ضربة انتفاضة تُميتني ، يعذبونه ويخشى عليّ .
عيناه تقول لي : لا ، لا تبكي لا تصرخي .
لكم قال لي في عذابه بعيونه : كم يهواني .
وبكل صرخة صرختها كنت أستحلفه بها أن يقاوم ، أن يبقى إلى جواري .
حبيبي اعلم أنك حبيبي من كان قبلك ومن سيأتي بعدك أعلم أنكم تحبونني ، كلكم تحبوني وأهواكم .
قال لي وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة : أحبك يا عمري .

رباب كساب
نوفمبر 2006

الجمعة، 18 يناير 2008

بلا عنوان

بلا عنوان

كانت تسير بسيارتها في طريق عودتها بعد انتهائها من العمل ببطء سلحفاة تصعد تلاً غير عابئة بأصوات أبواق السيارات التي انطلقت زاعقة تحثها على السير دون جدوى متلقية سباب ولعنات سائقيها .
لم العجلة ؟!!!
لقد قال لها في الصباح : لا تنتظريني على الغداء اليوم .
لم يكن بأمر غريب فهو دائم التخلف عن الغداء والعشاء ، لم يعد أمرا يشغله حضور الغداء منذ مدة .
طفليها لدى أمها ينعمان بعطلتهما بين الحقول والطبيعة التي لا زالت طيبة في الريف .
لم العجلة ؟!!!!!
لا شيء تعود لأجله .
غيرت قصة شعرها لم يعد ينسدل على كتفيها قصته صار بالكاد يصل منكبيها ، رفعت غُرتها فبان وجهها الصغير ، لم يلتفت أو يعلق حتى على طاقم النوم الجديد البرتقالي اللون ، لم يلفت نظره رغم أنه يكره هذا اللون .
أدوات زينتها ملقاة بإهمال على نضدها ، لم تعد في حاجة إليهم .
اليوم يوم ميلادها الثلاثين ، قبل خروجه مباشرة قَبَّل وجنتها سريعاً وقال : كل عام وأنت بخير .
قالت في نفسها : الحمد لله ، لم يتذكره العام الماضي .
لم يعطها فرصة ترد عليه تبادله قبلته ، انطلق خارجا ، سمعت صوت انغلاق الباب .
توقفت لدى محل العطور قابلتها صاحبته بالترحاب فهي تعرفها جيدا ، تلك السيدة التي يبدو على وجهها صولات الزمان وجولاته ، امتدت لها يدها بعطرها المفضل أخذته دفعت ثمنه ومضت .
كانت قد ابتاعت ملمع الفضيات لتعالج به انطفاء لون شمعداناتها الفضة ، فهي مغرمة بالشمعدانات ، ملأت بيتها بمختلف أشكالها وأحجامها ، اعتنت بهم جيدا تحسبا .
كانت لديها خططا لعيد مولدها ، عشاء فخما على ضوء شموع شمعداناتها ، موسيقى هادئة ، فستانها الأسود المرصع بالفصوص اللامعة ، وردة شعرها الحمراء ، مساحيق وجهها وطلاء شفاهها الأحمر القاني ، الأولاد لدى أمها .
وجدت نفسها أسفل بيتها ، ركنت سيارتها وصعدت ، أدارت مفتاح الشقة ودلفت للداخل واجهها الصمت ، تلفتت حولها لا شيء غير الصمت .
توجهت إلى حجرتها ، خلعت عنها ملابسها في غير تسرع ، ألقتها بإهمال على السرير ، ارتدت ملابسها المنزلية .
أخرجت زجاجة العطر الجديدة انطلق رذاذا العطر مننها على رقبتها ووجهها ، تسلل عبيره لداخلها أنعشها قليلا .
دخلت المطبخ أمسكت بإصبع موز التهمته وهي تنظر غير عابئة لأثار عشاء الأمس وإفطار اليوم ، تركت المطبخ .
ولجت غرفة المعيشة امتدت يدها لجهاز التسجيل كان به شريط ( أغدا ألقاك ) ألقته بعيدا وهي تبتسم ابتسامة ساخرة .
انطلقت الموسيقى من الجهاز ، موسيقى حالمة ناعمة ، ظلت ترقص وترقص رقصا منفردا رغم أن ذراعها تتخذ وضع وجود شريك أمامها .
في المساء أطفأت شمعتها الثلاثون ......................... وحدها .
رباب كساب
11/3/2007

اليوم الأخير

اليوم الأخير

اليوم هو الأخير . وقفت أمام المرآة نظرت لذلك الوجه المغضن . ربتت على شعرها الأبيض بتلك اليد المعروقة ، فردت طرحتها على رأسها ، أحكمت لفها ثم مضت
في الطريق تذكرت اليوم الأول ، شابة في مطلع العشرينات تحمل أمالا عريضات بقوة وعنفوان الشباب .
مشطت شعرها عقصته للخلف ، تركته يغطي ظهرها ،أكملت زينتها ثم انطلقت تملأها رهبة اليوم الأول والتجربة الأولى .
نفس الطريق تمشيه منذ سنين لم يتغير ، لم يتبدل ، أقيمت بيوت ، شوارع مهدت ، كثرت الناس إلا أنه نفس المسلك.
دار بذهنها الكثير ففي أشهر قليلة باتت تفقد كل ما تملك حتى صار كل ما هو قادم عصر فقدان على الدوام ، لا شيء يسر .
وصلت إلى عملها وطأت قدمها مكتبها ، استقبلها الجميع بحفاوة ليست من المعتاد زادتها تجهما ، حاول الجميع ممازحتها إلا أنها أبت الابتسام ظلت على صمتها .
منذ أعوام قليلة عُين بعض الشباب بعد توقف الحكومة عن تعيين أي موظفين جدد لسنوات وسنوات، امتلأ بهم المكتب أضفوا على الحياة بالعمل بعض الحيوية ، تعاملاتهم ،أفكارهم المختلفة ولدت نوعا من الصدام بينهم وبين الكبار القدامى في المكان والخبرة ، فهم لا يتصورون شبابا في عمر صغارهم يزاملوهم ويأخذون نفس حقوقهم ، إلا أن الشباب تلك المرة هم من احتووا الوضع بإتباعهم السياسة السائدة تلك الأيام سياسة ( تكبير الدماغ ) وكان الجميل أنها أتت ثمارها ، كانت ناجحة فهدأت الأمور بسرعة وساد الوئام ، وعرف الصغار كيف يدخلون عالم الكبار ، وفي ذات الوقت يُنفذون ما يريدون .
كانت الأكثر خلافا معهم فهم في عمر أبنائها ، إلا أنها اعتادت وجودهم في النهاية .اليوم هم عنها مشغولون ، لهم مدة يعدون لهذا اليوم الذي لم تكن ترجوه ولم تُرده ، لو لم يذهب ما كان لهذا اليوم مثل تلك الوطأة وهذه القسوة .
لمن تعود ؟!!!!!!!!!! رحل منذ شهور تاركا إياها وحيدة ، أولادها في مقتبل حياتهم كل له شواغله .
في مخيلتها البيت الكئيب دونه ـــ أيام العمر فقدت معناها وألوانها ، قضت معه أكثر من نصف عمرها ـــ تصحو في موعدها كل يوم يلفها الفراغ والوحدة ، كان العمل سلوتها ومقابلة الناس فيه هي كل ما تملك ، الآن صارت بلا عمل.
اليوم هو يومها الأخير ، وجدتهم أقاموا لها حفلا .
علام يحتفلون ؟! بموتها ؟!!!! يكرموها في اليوم الذي فيه تحتضر !!
قالوا كلمات كثيرة ، لم تعِ شيئا ، ولا تذكر ما قد قيل ، كانوا يذكرون محاسنها ، وفناءها سنوات في العمل .
ماذا أفادتني تلك المحاسن وهذا الفناء ؟!! هل مدت في عمري عاما أخر ....... شهرا ...... أسبوعا ...... يوما ؟!!!
هكذا تساءلت .
أعطوها هدايا أحستها كفنا .
أكلوا وشربوا مما أعدته واشترته فتيات ونساء القسم الذي تعمل به من حلوى ومشروبات ، شعرت بهم كمن يتبادلون الأنخاب على روحها .
حانت اللحظة ، لحظة الوداع ، لحظة الفراق ، اللحظة التي لا بعدها لحظات أخرى .صافحتهم . ترقرق الدمع الغالي .
مضت مسرعة تستقبل ما يسمونه ربيع العمر .
رباب كساب
21/4/2007

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...