الأربعاء، 23 أبريل 2008

مادة خاملة


مادة خاملة


استحال لقاؤنا في نقطةٍ ، بحثت كثيراً عما جمعنا فوجدته حرفا وكلمة لم تكن بعد بقاموسي ، وأطلت النظر في عينيه علني ألمحني .
أسرتني تلك الضحكة المنبعثة من عميق نفس يملؤها كثير من التخبط والضياع ، كانت مختلفة مع ذلك الحزن المطل من عينيه .
أقصر الطرق بين نقطتين الخط المستقيم هكذا أفكر .
معه تعلمت أن هناك طرقاً يمكن للمرء عبورها ، أزقة وحوارٍ ، وأن هناك كبارٍ يمكن أن تختصر الطريق .
التفت إلى أيامي الماضية لم أجد غير فتاة لم تعرف غير نفسها وعالمها المغلق عليها .
في تلك الغابة الرائعة التي هي مشاعره عرفت الحياة .
تسلقت يده الممتدة عبر الأيام ، لم أكن بحاجة لجهد فلقد بذل هو كل الجهد حتى وصلت إليه .
لأول مرة ألمح وهج عينيه ، وفرحة لقاء بعد طول انتظار .
أخذني من يدي وانطلق بي عبر مروج وآفاق لم تمر بي ، سرنا على كل حرف جمعنا ، وطأنا كل حزن هزنا بكثير من الكبرياء صعدنا تلا من الهموم وانطلقنا لأول مرة بعيداً عن كل الناس في ذلك المكان المخبوء عن عيون الناس إلا العاشقين وجدنا أنفسنا .
لغة الصمت أكثر تعبيرا من كل الكلمات ، في حضرته أصمت طويلا ، وأتلذذ بكلماته الضائعة المتخبطة ، كان لحنا متفردا في نغماته .
استفقت على يد تلكزني تدعوني لأصحو من سباتي ، كانت يد أختي التي تخبرني بأني سوف أتأخر على موعد عملي .
ملعون عملي هذا !!!!!!!
امتدت يدي لها ضاربة في غيظ وكلماتي المحتدة الغاضبة تكاد تحرقها ، ولكنها لم يكن لها ذنب ، من أدراها أني كنت أحلم به وأني معه ؟!!
خرجت لعملي وكلي رغبة في العودة للنوم وللحلم به من جديد ، صرت كلما أغمضت عيني واستسلمت للنوم أرجوه وأتمنى لقاءه ، ولكنه لم يأت ولم يصادفني وجوده .
أنكرتني سماء الحلم وحرمتني فيضها .
أسبوع أتلمسه بين كل أحلامي ولا أجده حتى يئست ونسيت ، مضت بي الأيام وأنا كما أنا بين عملي والبيت .
في معملي وبين أنابيب الاختبار أجد مواداً تتفاعل وألوانا تختلط ، لابد من أن يكون هناك تفاعل وإلا أصبحت المواد خاملة ، لم أحب يوما المواد الخاملة !
خرجت قبل انتهاء دوامي راغبة في السير إلى جوار هذا الشريان الذي كلما نظرت إليه أحس معنى الحياة ، كثيرا ما أحدثه ويسمعني وأحيانا يلقي لي بحبال نجاة من مآزق شتى .
سرحت بعيدا وأنا أبثه شكواي كالعادة ، فإذا بيد أخرى تفيقني من سرحتي ، ما الأمر أكل البشر اتفقت على ازعاجي ؟!
التفت إلى المقتحم الجديد فإذا به صديق قديم لمحني فأراد إلقاء التحية ، كان وجهه المهموم غريبا عليّ لم أره يوما هكذا ــــ لم أره منذ أمد ـــ كان أكثرنا مرحا وإقبالا على الحياة ، جلسنا طويلا لنتحدث لم يكن بمقدوري أن أخبره أني متكدرة لأني أبحث عن بطلٍ جاءني في حلم ، سمعت شكواه حاولت المساعدة إلا أنه يصر على أن كل الطرق مسدودة .
تركته وأنا أحمل على كاهلي بعض ألمه ، لازال النيل يسمعني عرفت الآن أنه يضحك عليّ ( اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته ) دائما أمي تردد هذا المثل .
غارقة في ذاتيتي فلم أنظر حولي وأرى ، اليوم فقط وضعني صديقي أمام نفسي ووجدتني خير مثال للمادة الخاملة ؟
وصلت البيت وأنا أبحث عن كل تليفونات من أعرف من أصدقائي المهجورين ، اتصلت بالكثيرين .
كم أنا بعيدة عن العالم !!!!
- الهاتف الذي طلبته غير موجود بالخدمة ، الرقم الذي طلبته غير صحيح أعد المحاولة .
كلمات صدمتني ، لم أجد أحداً .
خرجت في دهشة من أمي وأختي اللتين تعلمان أني لا أخرج أبدا بعد العمل ، لم يسألاني إلى أين فهما مدهوشتان بما يكفي لعدم النطق بأية كلمة .
سرت بين الناس وكأني أسير في الشارع لأول مرة ، وجدتني لم أكن أرى ، أكان يعميني الزحام ، أم أنني كنت وحدي في الكون ؟
فوق أحد الكباري وجدتني أقف وحيدة رغم كل المارة لكنهم لم يروني ، لم يلمحوني وكأني ليس لي وجود ، ووجدتني في لحظة أعتذر لهم وأبكي ، وأعد بأني لن أكون مادة خاملة ، لكن لم يسمعني أحد .

رباب كساب
19/4/2008

الجمعة، 18 أبريل 2008

حالات حب


حالات حب


جلست إليه ذات يوم أتطلع إلى وجهه الذي أعشق تفاصيله ، وجدتني أسأله : لماذا تهواني ؟
نظر إليّ بعينين ملؤهما الحنين ولم يتكلم ، ربت على كتفي وابتسم ، قَبّل جبهتي ومضى .
تركني والسؤال ،وفي عينيّ تفاصيل وجهه الذي أعشقه .



**********


قالت لي في خفوت : أحبه ولا يهواني .
كيف عَرَفَتْ أنه لا يُحبها ؟
تعتقد أن صمته الدائم هو السبب ، لم يقل لها يوما أحبك .
لم أجد لديِّ ما أقوله لها .
جاءتني بعد أيام تحمل بشرى لقد قرر الزواج بها .


**********


ساعات من الانتظار ، أيام من الألم ، إنه بعيد ، مسافر أرهقه السفر ، أراه يوما ويغيب عشرا .
صَرَخْت به : كرهت بعدك .
لم يكن بيده حيلة ، هكذا هو شئت أم أبيت .
مَدَّ لي يده بوردة وقبّل يدي وقال : إلى لقاءٍ قريب .
أغمضت عيني وتركته يمضي .
مرت أيام وراء أيام ، شهور أعقبتها شهور ، تصلني منه خطابات ذات كلمات يسيرة يتضاءل عددها خطابا بعد آخر .
عاد بعدها وفي يده وردة لم تمتد لي يده بها ، امتدت لمن تتأبط ذراعه وهو يقبّل يدها.


**********


في غفلة مني تركتها تحتل مكاني لديه ، أنا السبب ، فتحت لها ثغرة نفذت منها إليه .
كم حذرني ولم ألتفت . اليوم هي معه وأنا عنهما بعيدة .
وصلتني دعوة الفرح ، واحدة من المدعوين كنت .
في عيون الناس من حولي سؤال : كيف ؟!!!!
مددت يدي اسلم عليهما وأقدم التهاني وأعزي نفسي فأنا من ضيعهما .


**********


أسوار بنيتها ما استطاع أحد تسلقها ، لم يتمكن مخلوق من حل ضفائري ،والصعود إلى برجي العالي ، حين أرخيت الضفائر ، حين هدمت الأسوار ، وجدتني أعجز عن الإمساك بالمشط لأمشط شعري ، ولا عن مواراة الشيب الذي غزاه . فلقد فات الوقت.


**********


طفلة أنا لازلت في مرحلة الحبو ، نظر لي نظرة مُشفقة وهو يقول : اكبري .
كنت أسمع كلماته دائما وأظنها ألغاز ينطق بها ، ماذا يريد ؟ أنا كما أنا لن أتغير لأجله ، إذا أرادني عليه أن يتحملني .
ذات يوم جاءني بصحبة أخرى سألته عنها قال : حبيبتي .
أعطاني مصاصة ومضى .


*********


في يوم بحثت عن المجهول ، خرجت للدنيا الرحيبة ، ألقيت بنفسي في حضن أول من قابلني .
بين أحضان كثيرة تنقلت . كلمات ، كلمات ، لا شيء سوى الكلمات ، قسوة وآهات ، دموع أغنيات .
على جدر جسدي ارتسمت علامات وخطوط ، كلٌ كان له إمضاء ، جراح غائرة ، وكان السبب أني سمعت وارتحت لأول الكلمات .

رباب كساب
24/8/2007

السبت، 12 أبريل 2008

دنيا

دنيـــا

إنفجار ........ رصاص يتناثر ......... كلمات هوجاء...... أصوات تتبعثر على موائد نقاش وصور لا تكف القنوات الفضائية والأرضية عن نقلها .
دخان سجائر تتوالى ، أحجار نراجيل تتتابع ونظرات تسعى للإلتقاء ، أفكار تتلاقى وأخرى تتباعد ، نقاشات تحتد .
أحباب يختلسون اللمسات والنظرات ذات المعنى .
ضحكات تعلو مع كثير من النكات التي تنطلق من أفواه حزينة وقلوب يشغلها الهم .
جنازة طفل قتله التتر عمدا ، دموع أم ثكلى وأب يحمل على كتفه مدفعه الرشاش ، صراخ نساء تنعي الميت متشحات بذكرى موتاهن .


تتجه العيون نحو الشاشة ، وجه البريء الملقى على العالم يثير في أنفسهم الاستفزاز ، ملامحه الطفولية الميتة جعلتهم يرونه شابا يمسك علم بلاده ويضحك في زمن آخر .
يشجبون ، ينددون ، يتظاهرون ، يعودون لجلستهم على المقهى ذاته يتضاحكون ، تتتابع أحجار النراجيل ، يعانق دخان سجائرهم سماء حلمهم المفقود .
ضحكاتهم تعلو ......... وتعلو يتلقف صداها الهواء .

رباب كساب
11/4/2008

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...