الأربعاء، 28 مايو 2008

بين قوسين


بين قوسين


لم أكن والشتاء على علاقة وثيقة ولكن الحكاية بدأت مع أوائل شتاء هذا العام ، حين التقيته لأول مرة .
في ذلك اليوم كنت قد التحفت الانتظار كعادتي أشق طريقي بين الناس لأواصله غير متعبة فقد اعتدته .
جاءت جلسته بجواري على مقعد خشبي بجوار الكورنيش نطالع النيل وأحصي الدقائق في انتظارها ، كالعادة تأتي متأخرة وكعادتي أصل في موعدي .
لم تكن السماء صافية ولكنها لم تنذر بمطر ، شعرت بوخز الكلمات المتناثرة في عقلي ، حاولت أن أتناسها متعمدة فلقد باغتتني فجأة ولم أكن مستعدة لها .
كان يرمقني بطرف عينيه ويشاهد تململي كما ألحظ الكلمات الحيرى التي تتراقص على شفتيه وتأبى الخروج .
فتحت حقيبتي أبحث فيها عن ورقة وقلم ، أخرجتهما وشرعت أرتب الكلمات المبعثرة .
سطرت كلاما بدا لي كما لو كان لعبة الكلمات أو الجمل غير المرتبة وعلى من يريد خوض اللعبة أن يرتب الجمل وأن يحصل على قطعة تحمل معنى مفيد .

الفضول يلعب به ، يتراقص السؤال داخله أعلم ذلك ، نقلت لي يده المتوترة انفعالاته وأنا أجلس إلى جواره ، أواصل مشاهدة النهر الهادئ ، وأرقب الساعة التي تتحرك ببطء يلذعني .
رأيتها من بعيد تأتي مهرولة فلقد تأخرت كثيرا عن موعدها .
تنفست أخيرا بهدوء ، مجيئها سيريحني من فضول عينيه وأسئلته الكثيرة التي باغتني بها وجوده وألمحها كلما أدرت عيني ناحيته .
أخذتها في حضني تبادلنا التحية والقبلات قبل أن تستقر إلى جواري تلتقط أنفاسها .
لمحت بيدي الورقة جذبتها من يدي دون استئذان وقرأت ، نظرت لي ثم له وضحكت .
أثارت فيّ ضحكتها رغبة عارمة في مشاركتها لكني آثرت الابتسام .
وقفت مسددة نظري إليها وإليه ، وجدته يقف ويحدج بي بنظراته التي فشلت في تفسير حقيقتها هل هي نظرات وله ، أم اشتهاء ، كانت باردة ولكنها جذابة ، أثارت فضولي ونهمي لمعرفته .
تفعل بنا الصدفة الكثير ، وأجمل الصدف تلك التي تحمل بداخلها مفاجأة الـ .... .
امتدت يده إلى جيبه في رفق وحذر خمنت أنه سيخرج ورقة ويكتب اسمه ورقم تليفونه ويعطيني إياها ويمضي .
يالي من مغفلة ! لازلت أحيا في زمن الأبيض والأسود ، هل لازالت الناس تتعارف بتلك الطريقة البدائية ؟
إنه الاقتحام لا غير ، لو لم يقتحم فجأة ويأخذ موقع المهاجم وأتحول أنا للدفاع مسرعة ، أحتمي خلف درع الأخلاق والعادات والتقاليد ـ مرة أخرى مغفلة - ، ما رضيت بمعرفته .
لازالت يده اليمنى داخل جيبه الداخلي الأيسر جوار القلب تماما وكأنها سكنت بداخله ، بطيئة تلك الثواني .
حسبتها ساعة .
صديقتي شردت مني في النظر للمارة ، ولموجات النيل الهادئة ، وللحظات العشق المختلسة من حولنا ، ذلك العناق المستتر في عيني كل عاشق من حولنا يُترجم داخلي لنشرة أخبار شديدة القتامة.
أزمة إسكان طاحنة ، أسعار مجنونة ، بطالة ، زحام ، فقر ، كفر ، تشدد ، بلطجة ........
قائمة من الأخبار الـــ ........
خرجت يده بمنديل مرره على وجهه ، لم يكن الجو حارا ولكنه كان غارقا في عرقه .

دنا مني وسط دهشة رأيتها في عينيّ صاحبتي وتوقع مني لتلك الحركة المباغتة ، قال : أنا......
- ليس مهما الاسم ــ هكذا فاجأته ــ المهم أنه أنت .
- فعلا .
سرقتني اللحظة ضحكة صديقتي ، لكن صوته قطع ضحكتها وهو يقول : أعرفك منذ أعوام ، حين رأيتك لم أكن أصدق أنها أنت ، حتى وجدتك تنظرين لي بنفس نظرة المعرفة ذاتها .
- فعلا ، أنا أعرفك منذ أعوام .
قالت صديقتي : ولكني لا أعرفكما .
ضحكنا
سرنا طويلا وهي معنا ، لم نتحدث بقدر ما تحدثت عيوننا ، حملني فوق وجودي ووجوده إلى عالم من الخيال ــ يربطني الرجل دائما بالخيال ــ اخترق حاجز صمتي وعزلتي .
كان لابد أن أتركه مودعة ، مددت يدي أصافحه ، باتت يدي الصغيرة في كفه مركب شراعي في بحر هائج .
لم يعرف اسمي ولم أعرف اسمه فقط كنا على موعد يومي دون أن نتشارك المعرفة العادية لكل الناس .
ماذا تعني الأسماء إذا تعارفت القلوب ؟!!!
في نفس المكان وعلى ذات الكرسي الذي بدا وكأنه يخلو خصيصا لنا في ذاك الموعد ، يجمعنا الزمن ويتوقف بنا عند المصافحة الأولى والابتسامة ولا ندري هل مرَّ بنا أم لا ؟
جمعتنا شتى الموضوعات ، قرأني قبل أن يعرفني ، وصلت له كلماتي ، وجدته يحمل لي ذات لقاء دفترا صغيرا به ملاحظات عديدة ، وتعليقات ودّّ لو كان يعرفني حتى يخبرني بها ، كان لزاما أن نلتقي .
وجدته سباحا ماهرا في بحركلماتي الهائج ، علم ما وراء السطور ، نفذ إلى داخلي ، أكان يشاركني الكتابة ؟!!
أهو شيطان إلهامي ؟
قرر أن يأخذني لمكان لم أذهب إليه من قبل ، أخذني وانطلقنا ، معه لا أسأل عن الساعة ، عن المكان ، عن أي شيء ، فقط أسأل متى سيفارقني ؟
رغم الوله الذي يملأ عينيه لا يكف لسانه عن حديث السياسة وعن الأحوال المتردية هنا وهناك ، وعنا نحن في هذا البلد المهضومين المهدورين الحقوق ، يملك حلولا لكل شيء ولا يمكن أن يتقدم بها إلى أي مخلوق فهو واحد من مُهدري الحقوق !!!!
إزدواجية تلك التي يحياها ، فسرت الآن سر نظراته الزائغة أحايين كثيرة .

أمعقول أن تكون تلك اليد الناعمة ، هي يد البطش ، هي من تحيك سرابيل الألم وتحكم غلقها على أجساد كل ما اقترفه أصحابها أنهم قالوا لا في وجه الظلم ؟
- أوامر وعليّ تنفيذها .
- وهل بالأمر تتخلى عن كونك إنسان ؟
- لا تثقلين عليّ حمولي ، معكِ أنسى من أكون .
- ولكنك هو ذلك الذي تنساه وأنا تائهة بينكما .
- في جلستي أمام النهر وحيدا كنت أتلمس كوني بين الناس الذين أرهقهم كل يوم ، أرجوهم أن يحسبوني منهم ، علني أنسى أنني صرت آلة بين يدي رؤسائي .
اقترب مني ومرر يده على وجهي ، كم هي ملساء ناعمة ولكنها تقطر دما أرعبني ، ابتعدت خائفة .
فهم ما دار بي ، ابتعد جلس على الأريكة حزينا ، أحسه وأدرك أنه يتألم ولكن ، كيف أفصل بين كونه حبيبي وأنه الجلاد .
إنسان مساء وحيوان في كل صباح .
حاول أن يخفي عني دمعه المترقرق في عينيه .
دنوت في حنان ولمست شعره الغارق في ليل حالك ، وقبَّلت رأسه ، ثم زحفت نحو وجهه ليغرقني عطره في بحر من النشوة التي لم أعرفها يوما ، لتستقبلني ذراعاه في محيطهما الهادر الموج ، الثائر للأبد .
في تلك اللحظات التي شهدت توحدنا ، عرفت معنى أن تكون صاحب سلطة وصاحب قرار ، وأن تكون عبدا مرهونا بإشارة سيدك ، وأن تكون ملكا متوجا بلا أدنى سلطة ، وأن تكون أنت في غمرة توهتك .
يالله ، ما كل هذا الإحساس ؟
أشعل سيجارة وأعطاني إياها ثم شاركني التدخين في هدوء وصمت نقطعه بابتسامات متفرقة ، أهي السعادة ، أم فرط اللذة ؟
من بين كل ما أملك من حُلي شاهدني أرتديها انتقى حرف اسمي باللغة الإنجليزية وصمم أن يأخذه مني ليذكرني به دائما .
- وهل تنساني ؟
- لا ولكن ليبقى لي منكِ شيئا .
- وأين سأذهب منك ؟
- لا أعلم ولكني أخشى ......
وضعت يدي على فمه لأمنعه من مواصلة كلماته : أنا معك حتى ولو كنت أنتقدك ، أنا لك ومعك حتى النهاية .
لثم يدي الملامسة لشفتيه ، لأذوب بين حنايا جسده وليمتزج العشق داخلنا بالرغبة ، لتولد حياة لولا وجوده ما كانت .
كان لديه كل الحق في أن يخشى القادم ، حين رأيت يده تطال تلك المرة كل شيء حتى أنا .
لم أجعل قلمي يصمت ، تحدث وتحدث ونطق دون أن أعبأ بكل نجومه ونياشينه ، اقترفت كل الموبقات في حقي وحق كل الناس لابد أن تدفع وأمثالك الثمن ، حتى لو كنت حبيبي ، نعم طالبت بشنقك وهم في ميدان عام ، ولتكن ثورة بحق ، ولتوضع مقاصل في أشهر الميادين ويتقدم لمحاكمة معلومة النتائج فمثلك لا يأخذ براءة أو حكم مخفف ، الإعدام هو السبيل الوحيد .
وقفت أمامه ، عيني بعينيه ، أذوب فيه وأتوحد معه ، ولا أحس الحياة إلا ونحن متوحدين ، تعطيني لمساته الحياة ، العمق ، توقظ بداخلي الأنثى النائمة ، بت أتجدد يوميا حتى لا يمل وجودي .
- لماذا لا تقتليني أنتِ ؟
- أقتلك ؟
- نعم أو لم تطالبي بإعدامي ، ألست واحدا من زبانية الجحيم ؟
- أنا أطالب بقتل وإعدام صاحب النجوم والزي الرسمي ، ولكنك أنت ....
- أنا هو صاحب النجوم .
أخرج سلاحه ومد لي يده به ، أمسكته بيدٍ مرتعشة ، وقلب وجل .
قبَّل جبهتي ، واحتضنني لاطمئن وهو يهمس في أذني : هيا افعليها ، ستكونين بطلة لا مجرمة ، ستخلصين الناس من واحد مثلي ، ستكون شرارة الثورة ، سيفيق الناس صدقيني ، ستكون تلك البداية .
بكيت بكاء حارا وكأنني سأفعلها حقاً ، وضعني أمام أمنيتي بكل سهولة أن أقتل بيدي واحداً من هؤلاء الذين عبثوا بكل شيء حتى قلوبنا وأقواتنا .
ولكنه حبيبي ، صاحب الصدفة .
ألقيت المسدس من يدي ، وألقيت بنفسي بين يديه ، بت أعاني مثل إزدواجيته ، المفروض أنه عدوي نهارا ، وليلا هو كل ما لدي .
ما كان بيدي إلا أن أسافر بعيدا ، بلا وداع ، وبلا أثر كان لديه كل الحق حين أخذ مني شيئا للذكرى ، ولكني أخذته معي كله كذكرى .
كانت تلك المرة الأولى التي أقبل فيها العمل خارج بلدي ، هاربة لا من الواقع المر بها وإنما من حبيب هو العدو .
قلمي لم يتوقف عن انتقاده وجهازه وكل حكومته ، تواريت خلف الكلمات أو جاهرت بها لم أتوقف يوما .
طالعتني صورته يتسلم منصبا جديدا ، منصبا قويا أتاح له الظهور في التليفزيون ، ترى هل سيكون بإمكانه أن يتخلى عن زيه الرسمي ويجلس على مقعد خشبي أمام الكورنيش ؟!!
هل سيجمعني به مكان آخر ؟
اتصلت بي صديقتي ، قابلته في إحدى الحفلات الرسمية ، نقلت لي عنه رسالة .
( الحياة صدفة كبيرة ، وأجمل صدفها ما يحمل مفاجأة الحب وكذا الهجر )
هجرته نعم حتى أظل أحبه ، إنه معي ، لا يفارقني ، غارقة في عينيه ، في شفتيه ، في كفيه ، هو البحر إذن لا غير ، وأنا ....... بعض منه .
الغربة تطحنني ، الفراق يمزقني ، روايتي الجديدة مزيج من تراب الوطن وعطر الاغتراب ، وألم الفراق وهو .
تحمله جميع الصفحات ، يسكن كل الحروف ، أعلم أنه سيدرك أني أخاطبه ، مهام منصبه لن تتيح له القراءة ولكني أعلم أنه سيقرأ ، سيعود ليقرأني من جديد وفي دفتره القديم سيضع كل التعليقات حتى نلتقي ، جمعها وهو لا يعرف أنه سيكون بيننا لقاء ، والآن لابد أن يكون هناك لقاء آخر ، لقاء نحن أصحابه ، نحن من نقرر موعده ، لن يكون صدفة ، سيكون بقرار سنأخذه سويا ، لكن متى سيكون ؟ وأين ؟
الحياة تجبرنا أن نتقبل كل ما تأتي به ، وهاهي تدبر لنا لقاء آخر ، علمت أنه كان ضمن وفد رسمي لزيارة البلد التي أعمل بها ، قررت أن أتوارى في أي مكان ، ولكن الظروف لم تسمح لي رغم أني لم أحتك بأي شيء وبعدت ، لم أذهب لأي مكان يجمعني والوفد ، شعر بأني تعمدت الاختباء .
في مساء اليوم الثاني لوصوله كنت أسير في الشارع في طريقي للجراج الذي أركن به سيارتي ، شعرت بيدٍ أعرف ملمسها تتخلل أصابعي برفق لم أضطرب له ، نظرت ناحية صاحب اليد وقد فاجأني الحنين في عينيه ، والشوق الذي تفجر مرة واحدة ، وعذب الابتسام الذي افتقدته .
لقاء لم يكن كسابقيه ، أطفأنا به كل الشوق المتقد بداخلنا .
لم نتحدث عن هروبي ، لأنه كان متوقعه ، ولم أهنئه بمنصبه الجديد ، يعلم أني أكره عمله .
24/5/2008

الأحد، 11 مايو 2008

في ليلة ممطرة


في ليلة ممطرة


الأفكار تتوالى تترى ، ينظر للورق أمامه في ازدراء ، يكسر القلم .
يخرج من كتب التاريخ المتناثرة حوله واحد من أبطال مصر القدامى ، واحد من هؤلاء الذين صنعوا التاريخ ، طل عليه غاضبا ثائرا ثورة مقاتل يعرف كيف يهزمه سلاح مكسور .
ينظر له في لامبالاة ويمزق الورق ناثرا أشلاءه في كل أرجاء الحجرة ، إلا أن الفِكَرْ لا تكف عن متابعته ، تخرج من خباء عقله الرافض لكل شيء ، لكنه ما عاد يحس جدوى الكلام .
يصرخ البطل أحمس هاتفا : الفكر سلاحك ، والجندي لا يترك سلاحه .
تعلو ضحكته الساخرة فيحس أحمس الإهانة وخنجر السخرية الذي طعن به تاريخه يمزق قلبه .
الأمطار تضرب زجاج النافذة بعنف ، ينظر له أحمس في إشفاق ويقول : السماء عليك غاضبة .
يبصق على كل شيء وعلى كل الكتب الملقاة بلا عناية كأن أحداً بقر بطن مكتبته وألقاها خارجها .
إلا أنَّ أحمس القائد المثابر ما كان له أن ينسحب من المعركة اتخذ منه معركته إما هو أو أن يشطب تاريخه كله ويكفر بكل مقدساته .
يأخذ مفاتيح سيارته ويغلق الباب خلفه بعنف ، ينطلق بالسيارة غير عابئ بتلك الروح المقاتلة التي تزحف من خلف صفحات الماضي خلفه .
الماضي . نعم الماضي حيث كان للفكر وجود وللقلم خلود .
يضحك بصوت عالٍ ، ترمقه عيون أصحاب السيارات المنتظرين معه في الإشارة ، يتعجبون ضحكه منفردا في يوم كهذا وفي وقفة كتلك .
ترى ماذا يضحكه ؟!
الماء المنهمر بشدة يعوقه عن السير رغم أن المسَّاحات الأمامية لا تكف عن العمل ، يفشل في قيادة سيارته في هذا السيل المتدفق ، إلا أنه لم يتوقف وحده لقد وجد السيارة تقف وحدها أمام الجيش العرمرم الذي ظهر أمامه فجأة بجند لا يحصيها بصره ، تلمع سيوفهم تحت أضواء مصابيح الشارع يختفون خلف دروع ضخمة لا يدل عليهم غير ملابسهم الفرعونية القديمة .
يتزعمهم البطل الفار من الصفحات أحمس طارد الهكسوس .
- ماذا يريد ؟ ألا يكفي ما حقق من انتصارات خلدت اسمه في التاريخ .
صرخ عاليا : ليس هذا زمن الانتصارات ، افهموا .
قال أحمس في ثبات : ها قد عدت لك بجيشي وسنحقق الانتصار .
- ما عاد جيشك ينفع ، لقد تخاذل كل شيء ودُمر كل شيء .
- إن دمرت الأسلحة ما كان لسلاحك الخالد خلود الحياة أن يُدمر.
- لم يعد خالدا ، ولم يعد هذا زمنه .
- إنك الكاتب ، إنك الفكر ، إن مات الفكر مات الشعب .
- لقد مات فعلا .
- أحفادي لا يموتون بهم روح الثأر ، وأنت منهم يا صاحب القلم .
قالها وهو ينحني أمامه ممجدا .
قال : أنا ؟! لقد مت منذ أعوام .
اقتربت الجيوش يتقدمهم صفوف جنود تحمل ألواح البردي القديمة تزينها النقوش الفرعونية ، تدعمها الكتابة الهيلوغريفية ، وصورة للكاتب القديم ، يجبرونه أن يقرأ .
لكنه يصرخ : ما أنا بقارئ .
- ستقرأ وتقرأ وستظل تقرأ وتحمل فكرك ، إنك أنت القائد .
تنهمر دموعه على ألواح البردي التي امتزج محتواها به ، وبأفكاره المستعرة برأسه ، تفيق الروح المحتضرة بداخله رويدا رويدا ، يمسك بريشة ومدادٍ من دمه ، ويخط كلماته العربية الفصيحة تعانق قديمه المجيد .
يصيح الجند مهللين فرحين .
يعرف أحمس أنه ما خُلق لينهزم .
يصافحه ، يهبه قلادة النيل ثم ينصرف ، ليجد الرجل نفسه وحيدا في سيارته ، التفت حوله لم يجد أي منهم لم يجد غير أوراقه وقلمه ، امتدت يده إليهم في لهفة وشوق ، شرع يكتب وصوت المطر موسيقى تبعث في الروح ما كان قد مات .

رباب كساب
8/5/2008

السبت، 3 مايو 2008

لا


لا

استعارت كلماته ، رسمت على وجهها ضحكته .


واصل غروره ، استمر في عنجهيته ، وإطلاق أوامره .


ذات يوم شعرت بالتلاشي .

أقسمت أن تتجرأ

وفي تلك اللحظة التي قالت فيها : لا .

سقطت كل ألوية الحب المزعوم .

رباب كساب
25/4/2008

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...