الخميس، 17 يوليو 2008

هروب


هروب


أُسدلت الدهشة ستارا على وجهه ، سأل نفسه سؤالا واحدا ، هل أعرفها ؟!!
كنت أحس ما يدور بعقله ، لم أجيبه .
كان عليّ الهرب وهذا أسلوبي ، أن أمتشق سبل العيش داخل من أهرب منهم ، لا أبتعد بل أقترب في قوة متعللة بأنَّ المواجهة خير سبيل للقضاء على ما أسميته يوما ......... حبا .

أرسل لي صوته عبر مساء كدت فيه أموت شوقا إليه ، حمَّلني ضيقه ، أورثني ألما فوق ألمي ، ما تركته إلا وضحكته ترن في أذني .

خرجت حاملة ملفا كبيرا ذات صباح ، أردته أن يأتي ، الهواء محملا برطوبة خنقتني .
اصطدمت بالروتين في أول عناق لي بأروقة المكاتب الحكومية ، من مكتب لآخر ، ومن موظف لآخر .
رنين هاتفي بنغمته المخصصة أخرجني من دائرة الملل والانتظار ، لم أمتلك نفسي وانفجرت كالمدفع معبرة عن ضيق عجزت عن كتمانه .
ما كان عليه أن يتصل الآن ويلقي بحمول جديدة عليّ .

ما كان لأبي أن يموت ويتركني أحارب مع هؤلاء الحمقى .

أَغلق الهاتف دون كلمة لأعود لدائرة الحمقى أنتظر ، لم ينته الورق .

الأسود تحت أشعة الشمس يجعلني أئن بفعل أسراب النمل التي تسير منتشية مختلطة بعرقي المالح .

الأيام تمضي ، هو بعيد غاضب ، وأنا استل سيفا من ورق أواجه به جبابرة العادات والروتين .

استطاع أحد معارفي أن يلحق جلستي لإعلام الوراثة بآخر صف القضايا ( الرول ) ، كلمتان معسولتان ، بضعة جنيهات وضعها في يد العامل المشمئز .
كنت الأخيرة .
الشاهدان يتململان أحدهما مصالحه معطلة ، تليفونه لا يكف عن الرنين بين الحين والآخر .
الزحام مستميت والمكان خانق ، وأسراب النمل السائرة في جسدي استيقظت من جديد .
ينحرني الوقت ، ويؤلمني الوقوف طويلا ، لا مكان للانتظار والجلوس .
يرن هاتفي بنغمته ، لم أرد .
شوقي إليه يدميني ، منذ آخر حديث وهذا الغضب الذي أنزلته مطراً عليه لم يحدثني ولم أحدثه .
لماذا يتصل بي في كل مرة اشتعل بنيران غضبي ، أيحس احتياجي له في هذا الوقت بالذات ؟! لا أظن .

لازال الهاتف يرن .

الحاجب ينادي جلستي .

أغلقت الهاتف .

القاضي يسأل الشاهدان دوني .
يقرا بأن الوارد أسماءهم في الإعلام هم أهل المتوفى .

أبي كان كل ما لدي ، الآن يحمل لقب المتوفى .

انتهت الجلسة بي آخر قضية .

نزلت السلم بقدمين كما جوالين من الرمل .
شكرت الشاهدين ، مضيت تغالبني دموعي و صورة أبي التي علقتها أمي في صدر البيت عذاب مستمر ، كنت أحاول نسيان الجدار المعلقة عليه .

فتحت الهاتف ، جاءتني منه رسالة تحمل غضبا ممزوجا باعتذار .
أردت احتضانه ، محادثته .
عجزت عن أي شيء سوى أن ألقيت بجسدي على السرير مبللة وسادتي بعزيز دمعي .
اتصل ثانية
فاجأته دموعي
تكلم دون أن أسمع ، أغلق الخط ، ولم أنطق .

طلبوا العديد من الأوراق ، هذا لرصيد الأجازات ، وذاك لصرف المستحقات وذلك لــ ...............

تعبت

- المرحوم كان عزيزا علينا .

المرحوم كان أبي ، كل ما لدي .

هربت بعيدا عن كل هذا العذاب ، خرجت من دائرة الموت ، والدموع التي لم تجف ، من الحجرات التي لازالت تحمل أنفاسه .
هناك حيث أحب وجدته صدفة .
- لم تخبريني بقدومك .
حييته دون إجابة ، وذهبت لأجلس وحدي .
استوقفني وسألني : ما بك ؟
- لا شيء .

ما توقعت رؤيته في ذلك الوقت ، في كثير من المرات احتجت وجوده فضن به عليّ ، ما كان يريدني إلا مأوى لضيقه وهمه .
هربت إليه حقا فازددت عنه بعدا .
نظرت إليه بكثير شجن وعظيم قوة ثم انطلقت بعيدا في دهشة رأيتها ذات يوم تكسو وجهه .

14/7/2008

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...