الثلاثاء، 16 سبتمبر 2008

أكان اسمها أمل ؟


أكان اسمها أمل ؟


وقفت في شموخ تَعَجَبَّه وقالت : أنْ تبصر وجودا ما كان غير أن تتحدث عن وجودٍ كان ، شاهدا سموت بحياة ، راغبا في محو ما كان ، طالبا العفو من زمن خان .
هكذا أنت تحتال على وجودك بالخيال ، تخلق من الوهم أسباباً وأعذاراً ، تتوهم غير الحقيقة وتتبوأ عرش مملكة الخيال .
انظر ، انظر ذلك البرج العالي ، ألم ترى يوما أنوار الحياة من أعلى ، لقد اخترقتك أشعتها ، أذابتك كما أذابت الأمل المنتحر بداخلي .
أكان اسمها أمل ؟!!!
صدمه السؤال وعقدت الدهشة لسانه من حديثها لكنها واصلت بلا توقف : إني أرى طيفها في كل أجزائك ، ملامح وجهك تحمل حروف اسمها ، كلماتك حين أتأملها وأرتبها أحصل على تلك الأمل .
حرف الألف يخرج من داخلك كضغط الآهات على القلب ، الميم تضمها شفتيك في حنان بديع ، اللام يصبغها لسانك بالحب .
حاول أن ينطق التفت الكلمات هالة من حوله ، منعته ، لم تكن ترغب بحديث الشفقة المطلة من عينيه الباردتين حين يتحدث إليها ، إنهما لا تعرفان الوهج إلا إذا عانق لسانه اسمها .
- الأحمر لونها أليس كذلك ؟
يقتلني الأحمر كما يقتلها الأزرق ..... لوني !!
لماذا الدهشة ؟ ولماذا الشفقة ؟
ما وجد كلمات أمام سيلها المتدفق ، دنا منها أحاطها بكلتا يديه ، لمسته حانية لكنها تفتقر الحب . انفلتت من بين يديه .
في خلفية دامية تصلبه فيها الحيرة فتسيل الدماء من كفيه .
- لكم أشفق عليك . ما كنت لتضحي ، وما أنت بمسيح ، لم الحيرة وأنت تريدها ؟
- وأنت ِ ؟
ضحكت ضحكة عالية ردا عليه .
تعجب ذاك الرد ، حاول أن يستل سيفا من برودٍ يواجهها به ، لكن الثلج الغائر في أعماقها كسر سيفه وأشعل برده .
واجهته سبابتها في قوة وهي تقول : الحياة مواقف يا عزيزي ، إما أن تفعل أو لا تفعل ولكل فعل ضحايا .
تنامت دهشته بقوة وقال : ألا يضيرك أن تكوني ضحية ؟
- ولماذا لا تعتبرني ناجية ؟
- أوَ كنت لكِ شركا ؟
- أنتَ رصاصة طائشة ، مست القلب دون أن تميته .
سمع الكلمات ، نطق وجهه بما توقعت قبل أن يصرخ لسانه : أمل ، أمل .
وهو يمضي منسحبا .
ابتسمت ، كانت تعرف أنَّ انتصاره بضعف أمل .
وصله صوتها العالي يقول : الأقوياء يتصارعون في حروب طويلة الأمد لا تنتهي إلا بضعف أحدهم ، ما كنت لتصبح شهيدا على أنقاضي ، ما كنت لتصبح شهيدا على أنقاضي .
كانت تلك آخر كلماتها قبل أن يسدل الستار ويصفق الجمهور الذي وقفت تحييه شاكرة إياه بدمعة .
13/9 / 2008

السبت، 6 سبتمبر 2008

يأس


يأس


نقل الليل صدى أنفاسه المتقطعة في الحجرة الخالية إلا منه ممددا على سرير متهالك ، لم يمهله الإرهاق وقتا ليبدل ملابسه ، أخذه الكرى وقد خلع فردة حذاء دون الأخرى .
كانت الساعة قد قاربت العاشرة لحظة أن ضمته الحجرة من مساء يوم قضاه متنقلا بين شوارع المدينة الآهلة بالمكاتب والشركات والمقاهي والكافيتريات والمحال التجارية ، كل هذا لم يجد فيه سَم إبرة ليُحشر فيه آخذا نصيبا شهريا .
الوقت يمر وهو في سُبات عميق رغم أنَّ عقله يعمل بلا توقف ، رأى أشباحاً وخيالات ، رأى نارا تأكله .
أيقظه الفزع مختلطا بصوت الطقوس اليومية لجاره قبل صلاة الفجر .
فتح عينيه بصعوبة ، كان يشعر أنه لم ينم ، حاول القيام ولكن خذله جسمه ، وأعلنت قدميه كل أوجاعها في تلك اللحظة ، واصل استلقاءه لكن إلحاح مثانته عليه دفعه دفعا ليقوم .
فاجأته هيئته وهو مار بنصف المرآةِ المعلقة على الحائط المجاور لسريره ، كاد يفرغ ما في جوفه اشمئزازا .
ارتفع صوت المؤذن الله أكبر .
ألقى نفسه تحت الماء البارد ليزيل ما بقى من كسل وإرهاق .
وقف بين يدي الله .
بكى ، انتحب .
ضاقت به الدنيا ، ذهب الأهل ، الأصدقاء كل قد شق طريقا في الدنيا الواسعة التي خلت إلا منه .
قابله الجار عائدا من صلاة الفجر ، سأله عن وجهته ولم تستيقظ الحياة بعد .
- محاولة جديدة .
لم تنعشه نسمات الفجر .
كانت الحياة قد بدأت تزحف حثيثا لتبدد آخر مظاهر السكون .
اتجه نحو البحر ، جلس على مقعد من مقاعد الكورنيش الخاوية ، وجد لطمات الموج كلطمات الحياة التي تصفعه بلا رحمة .
استفاقت المدينة من سباتها في صباح ربيعي هادئ ، لم يكن الصيف قد شد رحاله إليها بعد .
النور يبدد عتمة البحر شيئا فشيئا .
تساءل متى للنور أنْ يأتي مبددا عتمتي ؟ سؤال من قلب اليأس أذاب ما بقى من صبر .
جذبته رائحة اليود جعلته يترك مكانه متجها لحضن الوحش الثائر ، ارتمى بين أحضان موجه الذي حمله دون مقاومة منه ، فاقدا كل رغباته .
خرجت يد من فيض الرحمة ، حملته ، تمدد على رمل الشاطئ وقد فتح عينيه فقابلته عينان ممزوجتان بزرقة السماء الناعمة تبتسمان في راحة وتقولان : لا يأس من رحمة الله .

31 / 7 /2008

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...