الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

حواري لجريدة السياسة الكويتية


رباب كساب: الإنترنت أخرج الكاتب من عزلته

الروائية المصرية تحدثت إلى "السياسة" عن روايتها الجديدة "مسرودة"
تشغلني المرأة المصرية ومشكلاتها الاجتماعية
القاهرة - عبدالفتاح الزغبي:
شهد الوسط الثقافي المصري اخيراً صدور رواية جديدة لرباب كساب بعنوان "مسرودة" التي جذبت الانتباه اليها, كما صدر لها من قبل رواية باسم "قفص اسمه أنا" اضافة الى الكثير من القصص القصيرة التي نشرتها في الكثير من الصحف والمواقع الألكترونية واهم ما يميز عالمها الروائي والقصصي تركيزها على الريف المصري ومنح المرأة مساحة أكبر من الاهتمام.. وعن كل ذلك كان معها هذا الحوار:

لماذا اخترت "مسرودة" ليكون عنوان احدث رواياتك?
اسم "مسرودة" غير معروف وغير متداول وبالتالي فان اختياره كعنوان لابد وان يلفت الانتباه اليه وكثير من القراء والنقاد أكدوا ان الاسم كان ملفتا ومثيراً, كما ان الاسم نفسه هو اسم بطلة الرواية التي رغم حرمانها من التعليم الا انها ملكت ارادتها واستطاعت تسيير أمورها الشخصية والوصول الى هدفها.

بدأت الرواية بتمهيد للشخصيات أطول من اللازم ما يشعر القارئ أنها عبارة عن عرض للحياة اليومية لسكان القرية فقط لماذا?
التمهيد للشخصيات سمة العمل الروائي حتى يعرف القارئ الشخصية, وأنا شخصياً لا أهتم بالملامح الجسدية بقدر اهتمامي بملامح النفس ذاتها ومسرودة وشخصيتها التي اختفت عن الجميع حتى أقرب الناس اليها كان لابد من أن أفرد لها صفحات حتى يأتي الناس اليها.

لماذا اعتمدت على السرد في الجزء الثاني من الرواية?
في الجزء الثاني كان السرد ضرورياً لكشف غموض تلك المرأة التي كانت معروفة للجميع ثم اذا بها تتمرد على كل شيء والحكي من الادوات الفنية التي للكاتب ان يطوعها اذا وجد انها تخدم السياق الدرامي لديه وهذا ما حدث معي واعتقد انه حقق الهدف منه.

هناك تناقض شديد بين شخصية البطل "عبد العزيز" وشخصية البطلة "مسرودة" يشبه التناقض بين القرية والمدينة, لماذا?
القرابة قد تمنح تشابها في الروح, والمكان والتربية تمنحان تشابها في السلوك وليس في الملامح الداخلية لان لكل منا طباعه التي تميزه, وبالتالي فالتناقض بين "مسرودة" و"عبد العزيز" كان تناقضا في الروح والطباع رغم ان هناك صلة قرابة بينهما ويعيشان في القرية نفسها, أما الربط بينهما وبين القرية والمدينة فقد يكون صحيحاً لان كثرة انتقال مسرودة اليها علمها حياة مختلفة عن حياة القرية وتغيرت لغتها وعلاقتها بالاخرين في حين ظل عبده يحمل حميمية أهل الريف وطهر غالبيتهم.

لماذا قدمت الشخصية الريفية باعتبارها أنقى من الشخصية التي تعيش في المدينة وهل هذا النقاء مازال موجوداً?
لم يكن هذا متعمدا, فطبيعة الريف الجميلة تلقي بسحرها وهذا كان في الماضي, أما الأن فمع تمدن القرى اختلف الأمر فمظاهر الطيبة والتكافل كانت موجودة في الماضي واختفت الآن.

احتلت الرواية مساحة كبيرة من الزمن شهدت تغيرات كثيرة أثرت في الريف وفي المدينة وكذلك على الشخصية المصرية فلماذا لم نجد أثر هذه التغيرات في الرواية?
هناك الكثير من التغيرات, ومنها التحولات التي فرضها السفر الى الخليج واختفاء اللون الأخضر من القرية المتمثل في المزارع والأشجار لتحل محله الابنية وتراجع زراعة القطن بشكل ملحوظ, واستخدام الأفران من المعدن ما غير شكل وطعم كل شيء في اشارة الى ان الزمن كلما تقدم بنا كلما فقدنا مذاق وحلاوة الكثير من الأشياء رغم انني أعترف أن لكل وقت حلاوته لكن من عاش وعاصر أزمنة مختلفة يحس دائما أن قديمه أفضل.

هل تحاولين رصد التغيرات التي حدثت في الريف المصري من السبعينات حتى الآن?
لم أكن عيناً راصدة فهذه ليست مهمة الروائي ولكنها مهمة التاريخ, لكنني أهتم بشخصياتي وأبطالى وحياتهم وما يدور بداخلهم وما حولهم ولأنهم جزء من كل فلابد أن يتفاعلوا مع كل ما يدور وما يجري فالتغيرات الحادثة أنا أعيشها بالفعل فأنا من مواليد النصف الثاني من السبعينات وقد لمست بيدي الاستقرار الذي لم يعرفه أهلنا في الماضي, لم أجرب مرارة الحروب وما خلفته في نفوس الناس ولا الحرمان الذي كانوا يعيشونه تحت وطأتها.

ما رأيك في هذه التغيرات هل هي ايجابية أم سلبية?
التغيرات الآن لها شقان شق ايجابي وآخر سلبي, فالايجابي يتمثل في تطور المجتمع في مجالات عدة كالطب والهندسة والفيزياء والعلوم كافة, وفي وسائل الاتصال والانتقال وغيرها ما سهل على البشر حياتهم وجعلها أكثر ترفيهاً, أما الشق السلبي فيتمثل في التدهور الاجتماعي على مستوى الأسرة, فلم نعد نهتم سوى بالسعي وراء لقمة العيش التي أخذتنا من أهلنا وذاتنا وأصبحنا لا نتلاقي الا في المآتم وحفلات الزفاف.

اللغة المستخدمة في بعض الحوارات بين أبطال الرواية لا تتناسب ولغة أهل الريف?
الحوارات كلها في الرواية بالعامية المصرية وبلهجة أهل القرية وهناك اختلاف في طريقة السرد على لسان عبده وكذلك على لسان مسرودة رغم أنه حصل على شهادة لم تتمكن هي منها لكنها تعلمت بعد ذلك وزادت معارفها, وحجم علاقاتها فتطورت لغتها, ثم هناك بطلان هما عوض الطبيب وعبد المحسن "فني الآلات" بمديرية الزراعة وكلاهما متعلم وموظف حياتهما ليست مغلقة, بينما عبده وزوجته ووالده ووالدته كانت لغتهم ريفية خالصة.

رغم أن الرواية تدور أحداثها في الريف المصري كذلك انتشار استخدام اللغة العامية في الأعمال الحديثة الا أننا نجد الرواية اقرب الى الفصحى لماذا?
انا عاشقة للغة العربية وأتمنى ان اجدها في كل اعمال الجيل الجديد لذلك استخدمتها في السرد اما الحوار فقد كان بالعامية المصرية التي اجد صعوبة في التعامل معها ولكني لجأت اليها لانها الانسب الى لغة اهل القرية.

صدر لك الكثير من القصص القصيرة على صفحات الكثير من الجرائد والمجلات الثقافية لماذا لم يتم نشر هذه الأعمال في كتاب?
في البداية أنا روائية ولم أكتب القصة القصيرة, ولم أتمكن من كتابتها الا منذ فترة قصيرة ولكن لدى بالفعل مجموعة قصصية تحت الطبع ان شاء الله ستصدر العام المقبل.

هل تشغلك كثيراً قضايا المرأة?
المرأة نصف المجتمع بل تعدادها يفوق النصف تقريباً ولأنني أهتم بمجتمعي ومؤمنة بأن اصلاح الحياة الاجتماعية سيؤدي الى اصلاح الكثير من السلبيات, لذا فالمرأة ومشكلاتها وذاتها الممزقة بين سطوة المجتمع والتقاليد وغيرها تشغلني بشكل أو بآخر.

ما رأيك بدور المرأة في الحياة الثقافية?
لا يزال دورها محدوداً, أنا أطمع في أكثر مما تفعله المرأة على الصعيد الثقافي, وهناك الكثيرات ممن أثرن في الحياة الأدبية, وأثرين الأدب لكنني أريد المزيد ليس بصفتي امرأة ولكن بصفتي كاتبة تعشق الأدب.

وما رأيك في الجيل الحالي من الروائيات والكاتبات?
الجيل الحالي من الكاتبات مثقفات يسعين لاثبات ذاتهن فلا تزال المرأة الكاتبة تبحث عن حفر مكان لها ورسم ملامحها في الطريق الطويل وأنا احيي سعيهن الجميل.

هل يعيش كتاب الأقاليم في عزلة?
بالفعل يعيشون في عزلة بعيداً عن وهج الحياة الثقافية لعاصمة الثقافة القاهرة, لكن بعد وجود الانترنت نرى ان الجيل الجديد من الكتاب لم يعد يعرف هذا الانعزال, وأنا على سبيل المثال أمد خطوط اتصال بكل من حولي.

ما أهم المشكلات التي تواجه كتاب الأقاليم?
اختفاء الجديد من الكتب ووجود أغلب دور النشر بالقاهرة بالاضافة لأزمة النشر وعدم متابعة الكثير من مظاهر الحياة الثقافية كالندوات والمؤتمرات وغيرها.

ما آخر أعمالك الأدبية?
هناك مجموعة قصصية تحت الطبع الآن وأتمنى الانتهاء من طباعتها قريباً بالاضافة الى رواية جديدة أقوم بكتابتها الآن.

شدو الحنين


شدو الحنين

أحن لشرفتي القديمة التي كنت أرى منها الحياة .... أحن لحجرتي الباردة ... لأصوات لم أكن أعرف أني أحبها إلا حين فقدتها .... لذلك الفجر الذي كنت أراه يوميا يداعب حلمي بحياة جديدة .... لأقفاص الخبز على أكتافٍ لم تمل حملها كل صباح ... للطريق إلى عملي وكل هؤلاء الذي صادقتني نظراتهم وشاركتني مواقيتي .... أحن ...أحن .......

هكذا كتبت منذ أيام ولم أكن أعرف أني كنت أنكأ جرحا تخيلت أني في غمرة مشاكلي نسيته .

نسيت أنني أجبرت جبرا على ترك مكان عشت به ما أعددته أجمل سنواتي .

لكنه أيضا حملني للتفكير في شيء آخر فأنا أعرف تماما أني لا استقر ولا أعرف معنى الثبات ، لا ارتبط بالأشياء ( أمي دائما تردد : مالكيش عزيز ) لأني شديدة الملل من كل شيء وأزهد الأشياء سريعا .
حتى نظارتي لا أغيرها لتلفها أو كسرها أو لأن قياسها قد تغير ولكن لأنني مللتها ليس إلا .
ملابسي ، حُلييّ ، الأماكن ....... حتى الطرق وددت لو تعددت مساراتي لنفس الأماكن التي أذهب إليها ، كتبي كنت أعيد ترتيبها بين حين وآخر وأغير مواضعها .

حين تركت عشرون عاما خلفي للذهاب لبيت جديد لم أحزن فلقد كنت أود ترك المكان بكل وسيلة ، ذهبت لأجد أن للجديد مساوئ أهمها الضوضاء الشديدة ، لكني هناك استطعت أن أتنفس أن أكسب الجديد من كل شيء ، ارتبط بي المكان واستيقاظي كل فجر استقبل نور الشمس المشرقة وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في تلذذ غريب ، أشاهد ميلادا جديدا للحياة ، له في كل يوم لذة مختلفة .

أتسمع أصوات المصليين وهم في طريقهم للمسجد البعض يسبح الله ، والبعض الآخر يلهج لسانه بالدعاء ، أرى آخرين مع لحظات الشروق يجرون أقفاص الجريد ليعودوا بها على أكتافهم وقد رصت عليها أرغفة الخبز البلدي الساخن وفي أيديهم قراطيس الطعمية الساخنة ، والطلبة والطالبات في غدوهم ورواحهم ، وفي المساء حين يهدأ الطريق أتابع سير العشاق ونظرات الهيام ، والخلاف ، والصلح .

كنت حقا أرى الحياة من شرفتي ، أرى السماء وقمرها بوضوح .

أرى سمائي وقد سطع نجم الهوى فتدثرت بالنجوم التي لبستها عقدا ، وتنفستها عشقا ، وكتبتها حروفا وكلمات .

هناك فرحت وأخي وأختي يتزوجان ويخرجان لحياة جديدة تماما ، هناك ذهب أبي ، رحل دون أن يراني أحقق حلمي ، هناك جاءتني فرصة العمل الميري ( ههههههه إن فاتك الميري بأة تمرغ في ترابه ) ــ لم اسعد به لكن يكفيني أن أبي كان به سعيدا ــ كان هناك يقف في شرفتي ينتظرني أنا طفلته عائدة من العمل وحين يلمحني قادمة من بعيد يخبر أمي لتضع الطعام يعلم أني أدخل صارخة ( جعااااااااانة ) .

هناك كنت أنعم بالبراح والخصوصية ، كل صباح أجد أشخاصا بعينهم نتشارك نفس موعد الخروج ارتبطت بهم ارتباطا روحيا رغم أني لا أعرفهم ولا يعرفوني لكني بت أعرف إن تغيب أحد ، أو بعد ، المحال التي يفتح أصحابها في نفس الموعد ، السيارات التي تمر إلى جواري أتوبيسات الطلبة والعمال ، كل هؤلاء باتوا قطعة مني .

بت أمر على البيت وافتقدني ، ثم أراني وأنا انشر الغسيل على تلك الحبال المهملة ، وأنا اروي شجيرة العنب التي كان يأتي الخريف فتملأ حجرتي والمكان بأوراقها الجافة التي أحملها متأففة وأعود لأنتظر الربيع لتظلل المكان باخضرارها وقد عادت الحياة لأغصانها الميتة .

إن لي عزيز أليس كذلك ؟
ليس لأني أحب التغيير أنني لا أحس معنى الفقد والافتقاد .

أما الآن وقد عدت لما أكره ، فاقدة كل شيء مرغمة مجبورة ، لم أشاهد الفجر الذي يطل على ذات المدينة ونفس الناس ، لم أتمكن من رؤية السماء وهي نفس السماء .

لم أجد شرفة ، ولم أجد نافذة مسجونة بين البشر ، محاطة بأصوات كان ضجيج السيارات الذي اعتدته أرفق بي منها .

شهور مرت ولازلت لم أر النور .

الآن بت أهرب من المكان رغم أني لا أعشق سوى حجرتي وبيتي ، حتى القراءة فقدت مذاقها ، بات للكتابة معنى آخر معنى ممزوجا بالآه ، بالوجع .

قُصت أجنحتي فما عدت أحلق فوق سحب الخيال ، وما عدت أناجي القمر وأحدثه يوم تمامه ، ولا أغازل هلاله .

ولا أعقد مع الغروب وعدا بأن يمنحني شمس الصباح .

من يعيد لي شروقي ؟!!!!!!

20/10/2009

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...