الاثنين، 28 يونيو 2010

قراءة مختصرة لــ حواديت عيل موكوس للكاتب مراد ماهر


قراءة مختصرة لــ حواديت عيل موكوس للكاتب مراد ماهر




من المؤكد أنَّ الحرف نبراس يضيء عتمة الجهل فما بالك إن خلقت حرفا تعلم أنه سيبقى وأنه سيكون دليلا يسير خلفه الملايين من قرائه هكذا يفعل مراد ماهر بقوةٍ وبثبات يُحسد عليه .
حين التقيت وحرفه عرفت أنه وُجد ليكون وليبقى ، وعلى الرغم من قولي دائما أني لا أحب مجموعته القصصية الأولى ( سلك شايك ) إلا أنني أٍعترف له قبل الجميع أني كلما عدت إليها أحس وكأنني أقرأها للمرة الأولى وأنَّ هناك جديدًا بين السطور ولهذا كان حكمي بأنه خلق حرفا ليخلد .
يُصر مراد على ألا يكون له قالبا واحدا لابداعه فقال عن نفسه بأنه ليس حكاء ولا قاصا ولا شاعرا ، قالها عن حق .
لقد كتب الرواية والقصة القصيرة وها هو هنا يدخل قالب الحواديت ذلك القالب الأصدق على الدوام والذي يرتبط به الكبير والصغير ، الحدوتة هي حلقة الوصل بين الأجيال تلك التي تبدأ هناك في عالم الخيال تتستر بالواقع تجتذب القاصي والداني وتسرق الوقت وتلقي بعظٍة أو حكمٍة تبتلعها دون أنْ تشعر بوقع الوعظ وتفهمها وتعيها ولقد قال على لسان أم بطله مقامه ( يا ابني الحواديت هي الدنيا، والناس اتولدوا لقيوا نفسيهم بيحبوها ، ورغم العشق دا كله ما بين الناس والدنيا دايما عايزين ينسوها ) .
ببساطة يتحدث ناشرا فلسفته العميقة التي تختصر شكل الحواديت في الدنيا وحب الناس للدنيا التي كما قال ( منها علاجها وفيها دواها ) ويكمل مراد قائلا على لسان أم مقامه ( حتى لما بنلعن ايامها ونقول احنا بنكرهها بنلاقي حكاية او اتنين تفاصيلها تجن ، فيها كتير من ملامحنا وفيها كتير من كل المخزون من هم ). هكذا يقول لك مراد ماهر نحن الحواديت ، نحن الحكاية ، نحن الدنيا لأننا من نشكلها.
قديما تعلقت بالحواديت فبت كل ليلة أنتظر حدوتة أبي أو ذلك اليوم الذي نلتف فيه حول جدتي لتروي لنا ، الحدوتة هي الأصل أصل الحكاية .
ومن هنا خرج علينا مراد ومقامه يحاولان التجول بين الناس لتكون حواديته بين معتقداتهم وأحوالهم ولأكون أنا وأنت والجميع أبطاله دون أن ندري أننا لسان حال كل كلمة .
من منا ليس مقامه أو حتى الجد كرماني ، الست فهمية والبنت جرادة الشغالة ، من منا لا تسكنه أم مقامه تلك التي تعشق خلسة الحواديت لكنها تغرق في أوحال المطبخ حتى لا تصطدم بحماتها الست فهيمة التي تفرح حين تراها ( بتطبخ أو ماسكة الفوطة ) .
يتجول مراد بحرفية عين راصدة لأحوال العامة معاندا كل الرافض فكرة الحدوتة أصل الحكي متخذا من العامية وسيلة للتعبير الأصدق الأكثر سهولة للوصول إلى الغالبية العظمى ولأنه أديب يعشق الحرف وتركيب الجملة لا يتخلى عن الصورة وعن جماليات اللغة فأثبت أنه قادرًا على خلق الجديد حتى ولو كان بالعامية فتعال معي لتجده في المقدمة يعبث معك بالألفاظ ( ليلة المولد في بلدنا ليلة دايما كان صبحها جمعة ) وفي إشارة لصغر حجم يد الطفل مقامه أمام يد جدته التي بانت له دنيا كبيرة ( ومرة ألاعب إيدي الهبلة في شوارع بين صوابعها ) حقا توقفت لدى التعبير لأعود بطفولتي وأنا أتعلق بيد أبي التي تغوص بها يدي دائما وأنا أرجوه أن يروي لي حدوتة بعينها .
وتجده يقول على لسان الطفل مقامه ( وأكيد مش حقدر أمدد تاني في العنباية بتاعة سيدي اسمع حواديته وقت الليل ما يموت نور الشمس ) خنق الليل النور فأشاع العتمة فيواصل قائلا في السطر التالي مكملا الحديث على لسان مقامه ( ولا حقدر اتاوب على حجر أمي وابويا فرحان بيا وبيبوسني وقت الليل ما يكون لابس ضلمة وعامل زعلان ع الشمس ) لازال يلعب معك بالألفاظ رغم أنه قبل سطٍر واحٍد أقرّ أنَّ الليل قاتل الشمس فتجد نفسك ترسل لعقلك مثلا شعبيا ( يقتل القتيل ويمشي بجنازته ) لتغوص أكثر وأكثر في محليتنا التي يجرك إليها مراد من أشد مناطقها قرباٍ حب الناس لأصحاب الكرامات والموالد ، ومحبة فهيمة لهم بشكل كبير وهذا ما جعل حفيدها يحاول معها لتدخل عالمه الجميل المشوب بخياله ، كان آملا أن تروي له جدته الحدوتة لكنه فشل فشلا ذريعا معها ليأخذ هو القرار الأخير بعد سنوات طوال بأن يروي هو الحواديت أن يكتب عنا ولنا ، أن يكتب عن هؤلاء الذين يسكنون قالب الوجع وتكون فرحتهم الممزوجة بطعم الحزن هي كل ما يأملون فيه دون طمع في أي شيء .
قال مراد :
( حكتب عن الناس المبروكة ، عن مقاماتهم ، عن موالدهم عن كراماتهم اللي عمري ما حسيت بيها غير في عيون ستي والبت جرادة .
حكتب عن جهل الناس في بلدنا عن الفرق ما بين الدين والعيب ).
وفي استعراض سريع للحواديت العشرة نجده يبدأ الحياة كما يجب أن تبدأ .
الأهل ، العزوة ، الأم ، الجدة وطفل آخر وحيد بلا مأوى ، حين ذهب لم يبحث أحد ، حين أصيب لم يهتم أحد ، حين تكون وحدك فلا تساوي أكثر من طلقة رصاص مجهولة لكلب ضال .
ما أوجع تشبيهك وما أصعب ما وصلني لكنها الحقيقة لكل من يحيا على هذه الدنيا .
********
ماذا تعني باسم مصر ؟ هل هي تلك الفتاة الشابة التي لا تعرف العجز ، التي تغمرنا بعبيرها أينما ذهبنا ؟ هل هي الحضن الدافئ الذي لا نشعر معه بالبرد أبدا ، إنها مصر ، ماذا لو أسميت ابنتك مصر ؟
هل تصبح مصر حبيبتي ؟
هل أتمكن من حمايتها ؟
هل بمقدوري أنا الطفل أن أحميها شر العوز ، وقسوة الأيام ؟
هل من الممكن أن أحلم دون أن يكون في الحلم هلاكي ؟
قد يكون طالما عرفت كيف تروي الحواديت
كيف يتعلق الحلم بلعبة في المولد ، وكيف تكون نظرة المرء لحكايا الدنيا الواسعة ومداركها الكبيرة ، فلقد اتسعت دائرة الطفل الصغير ، وعرفت أناس احترفوا السعي في مناكب الأرض ، فباتوا حكايا تسير على الأرض .
ويتجلى حس الكاتب باللغة العاشق لها والمحترف ألعابها ( كنت بعيط لما بيمسح بإيديه الدمعة وينضف وشه بمسحوق الضحكة الكدابة ) .
لكن الطفل الموكوس كما تدعوه جدته دوما أدرك صغيرا معنى الأمان ، معنى الخير الذي يسكن حضن الأرض ، ليس الغنى في الترحال ، ليس الأمان في تغيير الأرض ، قد نتعلم حكمة بالترحال ، قد ندرك خبرة لكنا لا نعرف معنى الأمن ولا الأمان إلا في حضن الأرض والأهل .
أدرك مقامه الصغير أنه أفضل من مصر الجوعانة ، المنتهكة بالترحال ، أفضل بالخير الذي يسكن أرضه فلم يعرف معنى الجوع ، أدرك الصغير أن القسوة قد تكون غلافا للكثير من الحب ... حب مصر .
********
وفي ثالث الحواديت يتطرق مراد إلى أسوأ نكباتنا إلى ذلك اليوم الذي أحدث شرخا بجيل كامل وأذاق الوطن طعم المر هزيمة 67 لن أسميها نكسة ولا نكبة كما يحلو للبعض سأطلق عليها اسمها الحقيقي هزيمة وإني لأرى مع حرفه تلك الأم المفجوعة في ولديها ( الحاجة جليلة أم جلال )وكم مثلها زخرت بهن مصر وددت في لحظة لو ربت على قلمه قائلة له حنانيك حين جاءها أحدهما بلباس العسكر الممزق بانكسار الهزيمة النكراء فطلبت منه أن يعود ويأتي بالأرض وبالأخ فلم يعد أي منهما وإنما جاءها زملائه بحبات رمل سيناء ، أخذوا ولديها وأعادوا شرفها .
وهل بعد الشرف شيء ؟!!!!
في هذا الشأن بدأ مراد مباشرة بإظهار وجهة نظره وإحساسه بذلك الحدث الجلل الذي لم يشهده ولكنه درسه تاريخا وقرأ عنه وسمع فتبلور لديه بمعنى واحد هو ذلك اليوم الذي قررت فيه الشمس أن تخاصم مصر وأهلها فحرمتهم النور .
غرقت الناس في الهم ، هم ضياع الحلم والعرض والعيال .
يضع الكاتب يده المغلولة بأصفاد العامية صورة للبلد الضائعة المأخوذة قسرا فبانت له منهكة تنز عرقا مالحا ، دمعا غاليا (الحاجة جليلة كشفت راسها ونامت على عتبة سيدنا الراجح حالفة ما ترجع بيتها إلا اما يرجع ليها عيالها التايهين في بلاد الرملة العرقانة ) .
ثم يتحول في لمحة خاطفة لحالنا الذي لا يختلف كثيرا على مر العصور (ويومين والناس بتحاول تهرب م الضلمة بغيبوبة النوم) هكذا نحن تحيط بنا المصائب فنهرب كانوا قديما لا يعرفون الهرب إلا بالنوم أما الآن فأنعم بنا أمام برامج تنتهك فكرنا في محاولات فرض أفكارها ومصالحها وأخرى تتخذ من الدين وسيلة للتعلق بالآخرة وهجرة الدنيا كأننا لم نخلق لها ... وغيرها من أسباب اللهو .
إذن فهو بالفعل ليس بعيدا عنا وعن أحوالنا ليس غارقا في حواديته ليسلي بها الناس ولكنه يؤصل مرة أخرى فكرة الحكي وأنَّ العظة التي لا تحتملها القصة تحتملها الحدوتة بصدر رحب .
وها هو يؤكد كلماتي حين يفتتح رابع حواديته بـ ( اوعى تنام لحسن تنسى الفرق ما بين الدين والدنيا ما بين المدنة بتاعة الجامع والقصر اللي بيلمع في الضي ) .
وأقول ما بين الممكن والمستحيل ، ما بين الحقيقة والخيال .
التوكل والتواكل .
كيف نترك يد العبث تحيط بنا وتستشري وتستفحل ونحن نقف لا حول لنا ولا قوة والسوس ينخر عظامنا وننتظر فرج أصحاب الكرامات وأولياء الله الصالحين ؟
ليس لنا ولا لأي بشر حيلة في الرزق ولا في الموت ولا في الحياة سبحانه جل علاه تركنا فيها لنسعى لا لنتواكل إنه يسبب الأسباب وعلينا الأخذ بها .
طالت النار كل شيء لكنها لم تمس بيت البك الكبير ، النار تمس ضعيفا متواكلا ، النار دائما تجد من الصغار حضن اللهو وعدم المعرفة ، أما الكبار يخشون الاقتراب ، يتوجسون خيفة يملكون دائما من يوضع في المواجهة من يضحون به ليبقوا هم في أبراجهم العالية بمعزل تام .
ولأنه يرى في ابتكار التشبيهات والكنايات والاستعارات تميزا فها هو مرة أخرى وليست أخيرة يقول ( الناس بتصلي الفجر يوماتي وتطلع تقعد حوالين الجامع مستنية الشمس تطبطب على خد الدنيا من الناحية اللي يوماتي بتطلع منيها ) .
هكذا يعبر عن شروق الشمس الحدث المتكرر كل يوم بأنَّ الشمس احترفت أنْ تربت على وجه الدنيا وكأن الدنيا حبيب ينتظر ربتة حبيبته الشمس وإلا لن يعرف الوجود .
ماذا لو خرجت الشمس من الغرب ؟ أو أنَّ الشمس كما يقول الكاتب لم تدخل ( على ناسها من الباب الرباني العادي ) .
سوف تقوم قيامة الدنيا ببساطة ، لكنها سوف تقوم حقا حين نستسلم للجهل وندفن أسلحتنا الحقيقية .
*******
ويتعرض الكاتب في حدوته الخامسة لدور الدين في حياة شعب مصر وكيف أنك لو أردت أن تتغلغل لداخل هؤلاء الناس عليك بأن تسلط عليهم صاحب الدين ومن قديم الأزل ومصر بها الدين صاحب سلطة قد لا تكون ملكا ولا رئاسة لكنه الصوت الأعظم الذي لا تملك حياله إلا أن تستجيب وتحني الرأس ، ولكلمة شيخ وقارها وكلمتها التي لا ترد وهذا ما يفعله الآن من يوجهون الفضائيات الدينية التي يشحذون بها قوى الشعب الجاهل بالدين تجاه ما يريدون ويعبر الكاتب عن ذلك بقوله ( حاكم الناس في بلدنا قليلة الذوق مع كل الدنيا إلا مع اتنين اللي بيطلع ع المنبر واللي بيمسك في إيديه نبوت النقطة ) قد يكون للأول احترامه وتقديسه أما الثاني فتحيته خوفا في المقام الأول ... هكذا حكم العسكر .
********
ماذا لو مات الحب ؟ ماذا لو رحل الحبيب ؟
لا يموت الناس من فقدان الحب ، لكن للرحيل دائما طعما آخر ، حين يموت من نحب فإنا لا نعرف بداية معنى الموت فقط نصاب بالذهول و الاستنكار ثم نترنح فنستقيم ، لنعيش وقد انكسر بنا شيئا أخذه من نحب حين ضمته وحشة القبر .
وتتجلى حالة الاستنكار في قول جرادة التي كانت تضرب صدرها بيديها ( هو الريس يا ولاد بيموت ؟!)
ولقد ارتبط الرئيس لدى عامة الناس في ذلك الوقت بالحلم ، بالقومية العربية ، بالجمهورية العربية المتحدة والاشتراكية وكل المفاهيم التي تم زرعها زرعا داخل شعب عاش تحت ويلات الاستعمار قرونا وقرون قبل أن يخرج عليه حاكم من أهله حالم كبير فوصل لحد التأليه ( هو الريس يا ولاد بيموت ؟)
*********
تستمر فكرة الموت لتدخل بنا سابع الحواديت لتموت الجدة وقد أنبأتنا الحياة أو أشارت كعادتها .
أهل الريف دائما لديهم الكثير من الإشارات التي تتبع الموت أو تدلهم على الموت ، نعيق الغربان ، نباح الكلاب ، مواء القطط وإني شخصيا من المؤمنين بذلك فالحيوانات دليل صادق يتحسس ملك الموت في المكان .
ماتت الست فهيمة المعزة وكان في موتها إشارة واضحة بأن من شُبهت بها على وشك الرحيل بل إنها رحلت في ذات اليوم لتترك أثرا كبير وفراغا عظيما .
مرة أخرى يجرك الكاتب للمحلية لعمق عادتنا ومعتقداتنا ، فهو إذن غير منفصل عنا بل إنه منا يحلق بنا في سماواتنا ملقيا الضوء على ما يمر علينا دون انتباه وخاصة مشاعر العداء أو المقت التي تنتهي كلها أمام سلطان الموت وجلاله متمثلا في أم مقامه التي عادت من السوق لتكتشف الفجيعة فتجلس أمام جثمان الجدة وتبكي ، ومقامه ذاته حين قال ( ولأول مرة في عمر الدنيا بعيط من كتر الحب ) عمره الصغير ، دنياه التي كانت على وشك البدء .
لن أتخطى هنا تعبيرات الكاتب التي يتفنن في صنعها فتجده على لسان الطفل الموكوس يقول ( عمري ما شفت بعيني جتة بني آدم ميت ، على طول كنت بشوف الموت في الصوت الطالع من بق النسوان ) .
*******
للسياسة والدين في بلدنا رباط غريب ، في جميع الدول المدنية المنهج لا يتعارض خطي السياسة والدين وكلا منهما له منهجه الخاص لكن مصر دولة بمناخ مختلف لها جغرافية خاصة بها ليست جغرافيا مكانية وإنما جغرافيا حياتية .
يكتسب البعض بلا منافس ولا نزاع أهميتهم بالدين ولأن البك الراجح ليس شيخا فانتسب للشيوخ ولسيدنا الراجح المبروك .
وعلى حس الراجح الذي ولا بد أن يكون له مكانا في بيت الأمة ممثلا الشعب كان لابد أن تصحو الأموات لتهتف باسم البك إشارة هنا لواقع الانتخابات غير الخفي علينا جميعا ( والانتخابات لما معادها يقرب في بلدنا بتلاقي وشوش صحيت م الموت ، ناس بتغيب من قدام الناس لسنين وبيرجعوا وقت الهوجة لجل ما يهتفوا بحياة البيه ).
من يمسك بالمنصب فهو له أبدا ، لن يخرج جديدا من لا جديد ، لن يعتلي الكرسي فردا آخرا طالما الناس كما هم .
قال الكاتب ( الناس في بلدنا لساهم مش فاهمين الحواديت ) .وأقول لك ولم يفقهوا قول الله تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . صدق الله العظيم .
*********
من منا لم يمر عليه مجنون أو أهبل وقال ( خليه دا بركة ) ؟
يقول مراد على لسان بطله مقامه الذي لم يعد طفلا ( الناس في بلدنا غلابة بيتباركوا بالمجانين واصحاب العمة وأصحاب المال حتى لو كانوا من غير ذمة ) .

كان لغياب البك أثرا على نفوس شعبه فلسفه الكاتب في غرابة الأيام بعد رحيله ( وتلف الأيام وبلدنا غريبة ، زي المية الحلوة لما تسافر وقت الفيضان للغربة في وسط المالح ، بتحس بوحشة غريبة ، بتحس إنها محتاجة تموت لجل ما تتخلص من ذل الأسر ) . تشبيه جديد من تشبيهاته التي يزخر بها العمل .

للدنيا وجوه عدة تجمعها في آن واحد فتجدها كما يقول مراد على لسان جرادة الذي اكتسى برداء الحكمة ( يا خرابي مكسح ، يا عين أمك يا سعادة البيه ، صحيح يا ولاد الدنيا ميزان متعلق في السما بخيوط ، الدمع في كفة والضحكة في كفة والبني آدم بينهم مربوط ) .
قد تقتلك رصاصة طائشة ولا يسأل أحد عنك لأنك بلا أحد لكن في عصرنا الجديد يجعل المال من الأصل المفقود أصلا وإن كان بلا جذور وكم من أشجار نمت وترعرعت بلا جذر في بلدنا ، كم من محروس صار له مكانا بيننا !!!
أبشروا يا ناس فها قد عاد فارس أقصد محروس بك ستكونون الآن في قبضة بلا أصل فليرحمنا الله .
ترجمة قوية لحال أمة غابت عنها جذورها فسطعت هوامشها واستاقمت قامات أنصافها فضاعت ملامحها .
لازالت بلدنا لا تعرف كلمة حق ، ومن ينطق بالحق من يلتف حوله الناس ( الله يرحمه عمل دماغه بعقل الطلقة ) .

(إوعى تنام لحسن تصحى تلاقي الحدوتة طويلة ، أطول بكتير من عمرك ، ساعتها اكتب توكيل بتفوض فيه النسيان إنه يفكر بيك الموت ).
وهكذا يختتم الكاتب مراد ماهر حواديته التي حاول أن يذكر بلده بنفسه بلا فائدة حتى بكل ما رواه عنها وعن أهلها من حواديت مثلتها قريته الصغيرة وشخوصها لم تتذكره مصر التي نست أو تناست فسيان لأن أهلها بالفعل جميعهم منسيون .
لكن هل سنظل نكتب ونروي الحواديت ؟؟؟؟؟؟

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...