الجمعة، 16 سبتمبر 2011

عزت والطوارئ

المقال بجريدة البديل
http://elbadil.net/%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%83%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D8%B2%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A6/#.TnN2ke_P8Wg.फसबूक

منعتني ظروفي أن أكون ضمن من خرجوا لمليونية تصحيح المسارفي يوم التاسع من سبتمبر.

جلست مكبلة أمام جهاز حاسبي أتابع ما يكتبه الزملاء الحاضرون عبر موقعي تويتر وفيس بوك وبي فرحة لا مثيل لها لنجاح اليوم الذي كنت أتمنى من كل قلبي أن أكون ضمن أحداثه كعادتي منذ بدء الثورة لولا قدمي التي كانت تستقر في جبس مقيت أقعدني عن الخروج.

في المساء تحول الأمر من نجاح رائع واسترداد كرامة مفقودة بعد هدم الجدار العار لاشتباكات عنيفة أسفرت عن ثلاثة قتلى ومصابين تعدوا الألف.

تابعت كغيري الأحداث وقلبي معلق بهؤلاء الشباب أتابع تفسيرات البعض التي رمتهم بالبلطجة، وآخرين بالتهور وخاصة أن وقت الاشتباكات كان قد عاد أغلب الثوار لمنازلهم وعاد الغائبون عن صفحات الفيس بوك يشيدون بنجاح اليوم بعد عودتهم فبقى السؤال من هؤلاء؟

تعددت التفسيرات لكني ملت لكونهم شباب خرجوا عن شعورهم بعد كبت كل هذه السنين لم يقبلوا إهانات الضباط لهم وسبهم بأقذع الألفاظ وقد جاءت شهادة أحدهم لتؤكد فعلا أن سباب الداخلية كان سببا في أنهم لم يستطيعوا الصمت أو التحكم بأعصابهم فردوا بعنف كما أن سوابق الداخلية لم تكن تشفع لها، الداخلية التي لم يتم تطهيرها كما يجب أن يكون وقال وزيرها أنه لا يوجد في الداخلية قناصة وكأن شهداءنا قد قتلهم رجال من كوكب آخر أو أنهم ماتوا وحدهم.

تم القبض على العديد منهم في هذا اليوم لكن المتعجب فعلا هو القبض على أكثر من مائة شاب امتلأت بهم صفحة لا للمحاكمات العسكرية على الانترنت يوم السبت العاشر من سبتمبر رغم أنه لم يكن هناك داع لذلك ومع تفعيل قانون الطوارئ وتحويلهم لنيابة أمن الدولة العليا بدلا من النيابة العسكرية بات الأمر غريبا فلماذا يا سادة تم القبض على هؤلاء؟

وأي منطق هذا الذي يتم القبض به على هؤلاء لأن ملابسهم غير ملائمة ؟ وكما كتبت الأستاذة نجلاء بدير أن من ضمن الهتافات لمن نزلوا المظاهرات ( اتشيك و البس نضيف عشان ماتقابلش منى سيف ) منى سيف الفتاة الشابة المسئولة عن حملة لا للمحاكمات العسكرية.

كتبت نجلاء بدير عن فادي الذي سمعت والدته تتحدث لمحمود سعد عبر قناة التحريرتصف كيف تم القبض عليه وكيف أخذ خمسة عشر يوما في سجن طرة، ومن قبلها تحدثت أم أخرى عن ابنها الأب لأربعة أطفال وأخذوه عنوة لأن بيديه كاميرا.

واليوم أكتب لكم عن ( عزت علي ) الشاب ذو العشرين ربيعا طالب أكاديمية المستقبل الشاب الصغير المتحمس والذي لم يهتم يوما بملابسه ولم يفكر أن يقف أمام مرآة ليتزين من أجل مظاهرة.

خرج عزت يوم السبت وهو لا يعلم أنه لن يعود لمنزله وقريته، لن يعود لحضن أمه التي هو صغيرها، ولم أكن أتخيل أن يصادفني خبر القبض عليه في منتصف الليل على فيسبوك .

حاصرتني ذكرياتي مع الشاب الذي أعرفه معرفة وثيقة فهو لي أخ أصغر، كنت أسمعه يتحدث فأرى مستقبله باديا أمامي مشرقا زاهيا، شعرت به أفضل من عرفت كنت أرى في استقلاليته نجاح وفي أفكاره المتدفقة حياة سيخلقها بيديه.

واعتقل عزت واتهم بالشغب والبلطجة وأودع سجن طرة خمسة عشرة يوما وحقا لا أعرف السبب.

لم يكن عزت بلطجيا، لم يكن يوما مشاغبا، إنه واحد من المتحمسين واحد ممن آمنوا بالحرية التي حصلنا عليها مع ثورتنا المجيدة آمن الصغير أنه بقوله الحق بدفاعه عن كرامته وعن عزته وعزة أهله فهو سوف يكرم سوف يكون قد فعل شيئا جليلا لكنه اتهم بما لم يخطر ببالنا ولا بباله .

كل من كان هناك كان يبحث عن حق الشهداء الست، كان يبحث عن كرامة وطن ،عن عزة مواطن ، عن حرية فما كان من قوات الأمن إلا السحل والضرب والاعتقال والاتهامات بالبلطجة وتفعيل قوانين الطوارئ لنصبح مرة أخرى رهيني الحبس.

لكن كيف أصمت وقد تعلمت مع الشعب كيف أنطق ، صرخنا جميعا بحروف كلمة حرية ونحن نهتف لرحيل الطاغية والنظام؟

نداء للقائمين على أمور مصر لم يعد شعب مصر بصامت ، لم يعد شعب مصر رهين اعتقال الكلمة فلتعيدوا إلينا شبابنا الذين حرمتمونا منهم، فلتعيدوا الحرية لزهورنا، لا للطوارئ ولا للمحاكمات العسكرية.

عزت علي ليس بلطجيا ولا مشاغبا يا أهل مصر ويا أيها المجلس العسكري ويا مجلس الوزراء عزت علي ليس مشاغبا ولا بلطجيا.


الخميس، 15 سبتمبر 2011

ابتسامة وحيدة

ابتسامة وحيدة

القصة بجريدة البديل

http://elbadil.net/%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%83%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%A9/

مرة أخرى يسحقها المرض، تتساند إلى حائطها البالي في شقتها الصغيرة، إلى الأثاث المتهالك، تعود لحجرتها، تُلقي بجسدها المنهك على السرير، تشعر فجأة بأنها قد انفصلت تماما عن الدنيا، لحظات كأنها دهر.

تسترد وعيها، تتذكر أنها لم تطفئ عيون البوتاجاز، تتجه عيناها ببطء نحو الساعة، دقائق ويُرفع آذان المغرب.

تحاملت مرة أخرى على الجسد المريض، فاجأها دوار جديد، تماسكت، لو لم تكن صائمة لمدت يدها لكوب ماء أو تناولت قطعة مخلل ( كان ينقصني الضغط المنخفض !!).

حملت الطبق الوحيد، ذهبت حيث التليفزيون، تشاهد كافة مسلسلات رمضان لكنها لا تعرف محتواها!

تتلكأ اليوم في تناول طعامها، لا لشيء سوى لفقدها القدرة على حمل الملعقة لفمها.

بدلت قنوات التليفزيون، البرامج تستضيف كل فلول النظام السابق، تضحك لما يقولون، تواصل التقليب وهي تشرب الشاي.

تتذكر طبيبها وهو يقول : الشاي ممنوع، القهوة ممنوعة ، السجائر حذاري منها.

قالت وهي ترسم ابتسامتها المعتادة على وجهها الصغير : لماذا لا تكتب لي دواء يميتني أفضل من الحياة مع كل تلك الممنوعات؟

تأخذ نفسا من سيجارتها تعقبه برشفة من كوب الشاي وهي لازالت تبتسم، ترفع صوت التليفزيون لتتجنب سماع رنين الهاتف الذي لم تشأ الرد عليه أو حتى ضغط زر غلق الصوت.

تلتفت للمرآة الصغيرة الموجودة إلى جوارها، ترفعها قبالتها، لها مدة طويلة لم تصبغ شعرها، ابتسمت من جديد وقالت : ماذا لو حصلت على صبغة كصبغة المخلوع ؟!

باتت تخجل من الذهاب للكوافير لصبغ شعرها أو لتزجيج حاجبيها، تسمع لغط الجيران حين يلمحون بعد عودتها وجها المحمر أثر الفتلة.

- ألم تكبر على ذلك ؟! ألا تراعي سنها ؟ لمن تتجمل ؟!

يلومون عليها حتى حقها في التجمل، تلجأ لإحداهن لتعطيها حقنة فألمها اليوم شديد.

تتصل بالخادمة لتحدد معها موعدا لتنظيف الشقة قبل العيد، تتخابث الخادمة وتعطيها موعدا متأخرا كأنها ليست مثل زبوناتها الأخريات.

تعرف أنها تقول هي الأخرى : ومن يأتيها في العيد ؟ لمن تفرش الجديد وتُخرج الثمين ؟!

قبلت بالموعد المتأخر على مضض.

أخرجت حافظة نقودها وضعت على جانب بعيد عن مصروفاتها اليومية ثمن كعك العيد.

لم تغير شيئا مما اعتادت حتى بعد الثورة.

عادت تتطلع لوجهها في المرآة من جديد، حددت ما زاد من تجاعيد بدقة وهي تقول : كريم الوجه الجديد المقاوم لعلامات السن كما يقولون في الإعلان خائب هو الآخر لم يأت بنتيجة.

لملمت شعرها المرسل على كتفيها، عقصته لأعلى قبل أن تقرر أن تلقي بكل أفكارها تحت سيل من الماء الفاتر.

انتعشت قليلا، داهمتها رغبة بأن تتناول سحورها في الخارج بين الناس.

نفضت الفكرة تحت الوجع الذي تعانيه.

انقضت ساعة أخرى تقلب في القنوات المملة، لا تستقر على قناة ولا تخرج بشيء من هذه الثرثرة.

تشتعل رغبتها من جديد في الخروج، ارتدت ملابسها، بمجرد خروجها داعبت وجهها نسمات هواء أنعشت جسدها اليابس المتعب.

جلست بين الناس تنتقل عيناها بينهم في جولات استطلاعية تحبها وتعشقها دائما، لمست هذه المرة شيئا مختلفا، كأنه سحر الكرامة التي ملأت الجو منذ شهور هو السبب.

أكلت بشراهة، توجهت للمقهى وهناك شربت كوب الشاي الأخير وكذا سيجارتها الأخيرة قبل آذان الفجر.

إحساس بالنشوة والسعادة يتسرب إليها، شعرت بخفة روحها، نادت صبي المقهى الذي جاءها على عجل، همست في أذنه ببضع كلمات وأعطته ورقة صغيرة، قرأ الورقة ونفذ ما طلبت على الفور، التفت إليها ليخبرها بأن محدثه لم ....

قطع حديثه، نطق الشهادتين وأسبل جفنيها.

رباب كساب

17/8/2011

الخميس، 1 سبتمبر 2011

بحلم بأطباء أكثر إنسانية

أمنية من أمنياتي في ليلة القدر لمستقبل مصر بمجلة المصور عدد الأربعاء 24 أغسطس

ككل البشر أنتظر ليلة القدر وفي جعبتي كثير من الأمنيات التي أدخرها طيلة عام كامل، ورغم دعائي الدائم لله أن يحققها لي ، يظل الدعاء ليلة القدر له إحساس خاص يحمل في داخله قلب الطفولة المنتعش وحس الكبير الواثق في أن الله لن يرده خائبا طالما أصاب تلك الليلة المباركة التي نلتمسها في العشر الأواخر من الشهر الكريم.

كنت أستقبل الليلة بالعديد من الأمنيات الخاصة جدا، أما في هذا العام الذي شاء القدر أن يختلف عن كل ما سبقه من أعوام وجدتني أنفض سلة أمنياتي لهذا العام وألقي بها جميعا غير راغبة فيها لأن هناك أمنية وحيدة، أمل واحد سيطر علي وأعلم أنه سيطر على جموع المصريين بعد ثورة يناير، حلمنا بمصر جديدة.

وأكبر أحلامي بمصر جديدة أن أرى كل مدارسنا خلعت عنها ماضيها ولبست ثوبا جديدا، أريد تعليما لا يعرف التلقين والتحفيظ الذي سئمنا من كثرة ما قلنا يجب أن نجعلهم يفهمون لا يحفظون.

أريد مناهجا جديدة ، معلمون جدد، أن تعمل وزارة التربية والتعليم بحصر جميع معلميها وتنظيم دورات تدريبية عالية المستوى يدرسها لهم كبار خبراء التعليم في الداخل والخارج.

معلم جيد يعني طالبا ممتازا.

أن يكون ضمن مناهجنا منهجا خاص لاكتشاف المواهب على كافة أشكالها والعمل على تنميتها ليس مهما أن أصل بالطالب للجامعة المهم أن أصل به للفهم والابتكار.

أشد ما آلمني حين وجدت على صفحة برنامج محطة مصر على الفيس بوك شاب يسأل عن حقيقة مقال علاء الأسواني الذي كتبه بعد استدعاء أسماء محفوظ للنيابة العسكرية متخيلا أن مبارك هو المحقق، الشاب مستخدم الانترنت لم يفهم مجازية المقال وظن أنه حدث يجب التوثق منه، لحظتها اشتعل بقلبي حريق فهذا النظام السابق ارتكب أفظع جريمة في حقنا لقد كان هدفه أن يحكم شعب جاهل أمي وقد كان.

أحلم بعودة حصة القراءة كنت محظوظة في بداية التحاقي بالمدرسة بأنه كان ضمن جدول حصصنا حصة نقضيها في مكتبة المدرسة، كنت أعشقها وحصة الخط العربي.

يوم يتحسن تعليمنا ستتحسن أحوال كثيرة في مصر.

سأدعو الله أن تكون مصر بلا مستشفى سرطان الأطفال، سأدعوه أن أرى تراجع في أمراض السرطان والفشل الكلوي والكبد.

أن أرى عظماء الطب في مصر يغيرون سلوك زملاءهم المهني يعلمون شباب الأطباء إنسانية المهنة، وأن تتحول مستشفاياتنا على أيديهم لأماكن صالحة لاستقبال الألم والتعامل مع المتألمين، أن لا نتاجر بالمرضى وبالمرض.

أحلم بمصر بلد النيل وقد تمكن كل شعبها من شرب كوب ماء نظيف، كتبت في مقال سابق عن أني أدعو المخلوع ليشرب كوب شاي من ماء مدينتي وقد علته طبقة زيتية اعتدناها ولا أعرف كيف سيشربه، من حقنا أن نحظى بكوب ماء نظيف.

أحلم بمصر بلا فساد، بلا رشاوى.

أحلم بأن يأخذ كل صاحب موهبة حقيقية حقه.

أحلم بمستقبل جديد لمصر الباحثة العلمية، أن يتم التعامل مع الباحثين العلميين بشكل مختلف وأن تفسح الدولة كثيرا من ميزانيتها لهذا المجال ليستغل عقول شباب الباحثين في تحسين الوضع الحالي، لدينا عقول بحاجة للاهتمام.

أشتاق رؤية مصر بلا عشوائيات، أن يكون لمعدومي الدخل فيها حقوق أكبر من فقرائها وأغنيائها، أن يحظى كل طفل بمصر برعاية الدولة حتى يصل لسن المدرسة.

أحلم بديموقراطية حقيقية ، أريد أن أشعر بأن صوتي له قيمة مثل تلك التي كانت له حين كنت وسط الجموع في الميدان.

أحلم أيضا بأن نظل نكره فكرة الزعامة والتأليه وأن نؤصل فكرة أن الرئيس هو موظف لدى شعبه يخطئ نحاسبه ، يحسن نرفع له القبعة.

أحلم بتفعيل القوانين وأن نربي بداخلنا الحرص على الوطن ومصلحته، أن تظل بداخلنا روح الميدان المتضامنة القوية لنواجه صعوبات الحياة القادمة فمصرالقادمة بحاجة لأيادينا وأرواحنا.

ولازالت بداخلي الأحلام تتوالد بمصر أفضل.

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...