الثلاثاء، 28 فبراير 2012

موت

موت

القصة منشورة بموقع صدى البلد

http://www.el-balad.com/90780/ksh-mot.aspx

في كل مرة تستعير ثوب السماء تذكرها أن عليها أن تحمي ظهرها وألا تفاجئها بسيل يحني فكرتها।
تلبسها روح الشجرة فتصبر وتتأمل الكون من حولها وكلما نظرت للسماء تعاتبها لكن الريح تغار من ذلك العتاب المحب فتهب ليميل جذع الشجرة، وتتدلى الأفرع السامقة، تبكي السماء تغتسل الشجرة وتعود لتنظر إليها في امتنان وحب.

تلك لوحتها الأخيرة بالمعرض علقتها في بهوه، كتبت ملصقا مجاورا ليست للبيع.
انتهى المعرض ولم تبع لوحة واحدة، الجميع أراد لوحتها غير المخصصة للبيع.
اصطفت مرة أخرى اللوحات على أرضية مرسمها، علقت لوحتها الأثيرة (حب) على الحائط، ابتسمت لابتسامة اللوحة لها.
استيقظت على رنين هاتفها، كانت تستمع بنصف أذن ونصف عقل نفضت غطاءها وقامت تعد القهوة وهي لا تتذكر حرفا مما قالته صديقتها كل ما تتذكره أنها ستأتيها بعد ساعة.
مبلغ خيالي أدار عقلها، ستشتري شقة كبيرة وسيارة محترمة؛ ستشتري أدوات جديدة لمرسمها وملابس وإكسسوارات ارتسمت في مخيلتها أحجارها الملونة كم تعشقها.
يأتيها صديقها هو الآخر يتكلم في نفس الموضوع.
ستخرجين من هذا المكان المقفر، ستطلين على الحياة.
كلماته موزونة، كان حلمها فعلا أن تخرج من تلك الشرنقة وهذا الفقر الذي يحيط بها من كل جانب.
لوحة واحدة بمبلغ خيالي ، لوحة واحدة ستحل أزمتها مرة واحدة.
(حب) ستجدد علاقتها مع الحياة مرة أخرى.
طوال الليل تتأمل لوحتها كأنها ستشاهدها للمرة الأخيرة.
في الصباح خرجت بلا هدف وقد أغلقت هاتفها حتى تتجنب سيل إلحاح صديقيها، لم تعرف إلى أين تذهب كل الأماكن يتواجدون فيها في كل الأوقات، سيدركون حيرتها مع أول سيجارة ستمسك بها، سيعرفون من قدميها التي لن تستقر على الأرض قدر أهمية الموضوع.
ستتجنب كل أماكنهم ستذهب حيث لا بشر.
في كل شبر بشر يذكرونها بلوحتها، بتلك العلاقة التي لا ترجمة لها.
لتخرج من دائرة الفكرة رسمت شمسا، رسمت أشجارا كثيرة ، رسمت وجهها.
ليلا استلقت على سريرها دون أن تفكر في فتح الهاتف لتحري من طلبها، نظرت للوحتها المبتسمة دائمًا، أخذت قرارها.
خرجت من البنك منتشية.
في الليل كانت تجلس في شرفة غرفة فاخرة في فندق كبير، النيل يجري أمامها، أضواء المراكب والبشر الأقزام من علٍ في حركتهم يضحكونها.
قدم لها كأسا اعتذرت أنها لا تشرب، أشعل سيجارتها المتأرجحة بين إصبعيها، لثم ببطء أصابع اليد الأخرى، ابتسمت.
لم تقابل منذ زمن من يتلمس الأشياء بحذر قبل الاقتراب الجميع الآن مقتحمون، راقها أن تقابل رجلا مغايرا، رفع كأسه تحية لها، حيته بإيماءة من أهدابها.
للجسد لغة لا يفهم حواراتها الجميع، كان حوارهما مجنون بما فيه الكفاية لتستقر على حافة السرير مكورة منكمشة له قدرة هائلة على الاقتحام ،نافذ حتى العمق.
التفتت له كان نائما، كانت تريد أن تنظر لعينيه ، أن تحدثه بلغة أخرى قد لا يفهمها لكنها ستصله، كانت تريد أن تبلغه أنه صائد أرواح ماهر، كانت تريد أن تقول إنه (….) لكنه نائم.

الأحد، 5 فبراير 2012

هي إيه الحكاية ؟

هي إيه الحكاية ؟

المقال منشور بجريدة البديل

http://elbadil.net/%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%83%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D9%87%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%9F/

كان يا ما كان يا سعد يا إكرام ما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام.

وبعدين .

بالتأكيد هناك بعدين وأكيد هناك بداية ووسط ونهاية وعقدة وحدوتة كاملة تسمعها البنت الصغيرة التي كانت تجلس إلى جوار أبيها وهو يشاهد مباريات كرة القدم وتنظر في تعجب للاعب يعدو في تراك الملعب ويقفز لأعلى فتسأل في دهشة : هو بيعمل إيه ؟

يرد أبيها بيسخن يا حبيبتي . خميس بيسخن .

كان ذلك بداية عهدها بالكرة الذي انقطع تماما بعد إحراز مجدي عبد الغني هدفه الشهير في مرمى هولندا بكأس العالم عام 1990. لا تعرف بعد بيبو ومصطفى عبده غير أبو تريكة وبعض نجوم الأهلي الذين كان أخوها يعلق صورهم على حائط حجرته .

تتابع من بعيد أخبار الكرة وأسماء اللاعبين تراهم ضيوفا يحلون على برامج التليفزيون تتعجب أن يتسابق الأهالي على أن يكون أولادهم نجوم كرويين لأنهم والمطربين الأكثر دخولا في مجتمع يرزح تحت وطأة الفقر والمعاناة.

كثيرا ما تساءلت كيف يشاهد الناس مجموعة بشر يتعاركون على كرة يتشاجرون لأجلها ولا تنسى أبدا الحادثة التي ألقى فيها رجل بزوجته من شرفة شقته لأنها حدثته وقت المباراة، وصراخ أبوها وأخوها حين يضيع هدفا أو تحسب عليهم ضربة جزاء وشراء والدها تليفزيون آخر في البيت ليشاهد المباريات وقتما يشاء دون صراخهم أنهم يريدون مشاهدة فيلما أو غيره ،لن تنسى جمهور الإسماعيلي حين مر ببلدتهم بعد هزيمة له حانقا قاذفا طوب وزجاجات كان الجمهور الأكثر عنفا لكنه لم يكن قاتلا.

حتى قامت ثورة يناير وبدأت تعرف الألتراس وبدأت تشاهد فيديوهات على موقع الفيس بوك لروعة تنظيمهم في المباريات وأغنياتهم؛ الألتراس البطل؛ أبطال جمعة الغضب ومحمد محمود وغيرها من الأحداث ، الألتراس يطوفون بالميدان يحجون لكعبة الحرية فتشيع البهجة.

هتفت ذات يوم من يملك زمام بشر بهذا التنظيم يملك بهم الدنيا.

التعصب والعنف سمة مشجعي كرة القدم لكن ليس القتل، هذه المرة الأمر وبشهادة شهود العيان أكبر من مباراة فيها جمهور متعصب الأمر انتقام من الألتراس البطل وبالبلدي ( الألتراس علم ع الشرطة وهي عايزة تنتقم ) تعالوا معي نسترجع الحدوتة منذ البداية مش من عند خميس بيسخن لا بداية أخرى ( مش ناسيين التحرير يا ولاد .... ) ثم اعتداء صارخ عليهم وأبو جلابية ، مصر آفتها الكرة لم يحمل أهل مصر علم بلادهم قبل ثورة يناير ولم يغنوا النشيد الوطني إلا في مباريات الكرة، حين فشلت كل الجهود في زرع الفتنة وتحويل الناس بدلا من المطالبة بحقوقهم من المجلس العسكري متولي السلطة لحرب بعضهم البعض سواء بإشعال فتيل الفتنة بين طوائف الأمة مسيحيين ومسلمين أو بين الثوار والإخوان كما حدث أمام مجلس الشعب منذ بضعة أيام حين فشلت أحداث مسرح البالون وماسبيرو والسفارة والعباسية ومحمد محمود ومجلس الوزراء في وأد فتيل الثورة جاءت الفكرة العبقرية كرة القدم التي لم ينسها الناس رغم الثورة.

حين تجمع الناس في المقاهي أمام جلسات مجلس الشعب المشهد الذي لم يكن يُرى إلا في مباريات الكرة بدأ التخوف إنهم يتابعون لحظة بلحظة إنهم يشاهدون ويسجلون كان لابد من الفرقة كان لابد من صرف أنظارهم عما يحدث، كان لابد من أن يبتعدوا عن السياسة لكن لا سبيل الناس عرفت الطريق ،عرفت المحاسبة ، عرفت المسيرات إلى حيث نواب الشعب ليطالبوهم بالحق وينتظرون العدالة إذن فليراق دم جديد ولتأخذ الداخلية حقها ممن صفعها عدة صفعات متتالية ولتكن الفتنة الأكبر والموت الأكيد من أجل قانون الطوارئ من أجل إحكام قبضتهم على الشعب الذي روعوه بحوادث السطو والخطف والقتل فليمت من يمت ثلاثة وسبعون متوفى في يوم واحد ومكان واحد لا ضير سيكونون في التقارير الرسمية نصف هذا العدد أو ربعه إذا كان حسب تقرير رئيس الوزراء عدد شهداء يناير سبعمائة وبضع وخمسون وهم تعدوا الألف قبل تنحي المخلوع فما بالك بمن جاء بعد ذلك لكنهم لا يعرفون أن دم فرد واحد بألف ودم مصري واحد بمليون من هؤلاء الخونة، المصري ليس رخيصا لتقتلوه هكذا ويخرج المشير وغيره سنصرف تعويضات لذويهم فلتسمح لي سيادة المشير أن أقتل واحدا من أبنائك ولتسألني بعدها هل كفاك التعويض؟ هل أراحتك الدية وأن تعد نقودها ؟ هل أعادت إليك بهجتك بضحكة ولدك وفرحته وهو يزف إلى عروسه وانتظارك حفيد يتعلق بذيل جلبابك عفوا أقصد ( الروب دي شامبر بتاع حضرتك ) فسيادتك أكيد لا تلبس جلبابا وتنزل لصلاة الجمعة وبيدك المسبحة واليد الأخرى ابنك أو حفيدك لتعلمه الصلاة في المسجد.

سياسة القتل الممنهج والإبادة البطيئة لشباب في عمر الزهور ، سياسة قتل جيل بأكمله وبلد ثروتها في شبابها نسبة الشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة في مصر 19.6 % وعددهم 16 مليون نسمة إنهم ثروة مصر التي يُقضى عليها بتأني وبدم بارد.

ستعقد اليوم جلسة طارئة لمجلس الشعب المجلس الذي اختاره الشعب بكامل إرادته ولن أشكك في نزاهة العملية الانتخابية ولن أقول أن هناك ضغوطا ليكون فصيل بعينه في المجلس ولن ألتفت لبيان الإخوان الذي قال أننا خرجنا نريد تسليم السلطة لمجلس نشكك فيه ولا نريده لن ألتفت لكل هذا إنهم نواب الشعب إنهم لسان حال الضعفاء منا فليأتوا بحقنا فليسقطوا الحكومة وليقيلوا وزير الداخلية على الأقل ومحافظ بورسعيد ومدير الأمن فليكونوا رجالا مثل الشباب الذي مات وقد وقفوا جميعا في وجه النار بصدور عارية وروح مقاتلة في كل ما مر بنا على مدار العام الماضي فلتكونوا من مقاعدكم مثلهم ولتصرخوا بحقهم .

ولتتذكروا معي قول شاعرنا فؤاد حداد ( غير الدم محدش صادق ) صدقوا الدم وأوقفوا نزيفه المستمر.

عاشت ثورة مصر .

رباب كساب

2/2/2012

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...