أكان اسمها أمل ؟
وقفت في شموخ تَعَجَبَّه وقالت : أنْ تبصر وجودا ما كان غير أن تتحدث عن وجودٍ كان ، شاهدا سموت بحياة ، راغبا في محو ما كان ، طالبا العفو من زمن خان .
هكذا أنت تحتال على وجودك بالخيال ، تخلق من الوهم أسباباً وأعذاراً ، تتوهم غير الحقيقة وتتبوأ عرش مملكة الخيال .
انظر ، انظر ذلك البرج العالي ، ألم ترى يوما أنوار الحياة من أعلى ، لقد اخترقتك أشعتها ، أذابتك كما أذابت الأمل المنتحر بداخلي .
أكان اسمها أمل ؟!!!
صدمه السؤال وعقدت الدهشة لسانه من حديثها لكنها واصلت بلا توقف : إني أرى طيفها في كل أجزائك ، ملامح وجهك تحمل حروف اسمها ، كلماتك حين أتأملها وأرتبها أحصل على تلك الأمل .
حرف الألف يخرج من داخلك كضغط الآهات على القلب ، الميم تضمها شفتيك في حنان بديع ، اللام يصبغها لسانك بالحب .
حاول أن ينطق التفت الكلمات هالة من حوله ، منعته ، لم تكن ترغب بحديث الشفقة المطلة من عينيه الباردتين حين يتحدث إليها ، إنهما لا تعرفان الوهج إلا إذا عانق لسانه اسمها .
- الأحمر لونها أليس كذلك ؟
يقتلني الأحمر كما يقتلها الأزرق ..... لوني !!
لماذا الدهشة ؟ ولماذا الشفقة ؟
ما وجد كلمات أمام سيلها المتدفق ، دنا منها أحاطها بكلتا يديه ، لمسته حانية لكنها تفتقر الحب . انفلتت من بين يديه .
في خلفية دامية تصلبه فيها الحيرة فتسيل الدماء من كفيه .
- لكم أشفق عليك . ما كنت لتضحي ، وما أنت بمسيح ، لم الحيرة وأنت تريدها ؟
- وأنت ِ ؟
ضحكت ضحكة عالية ردا عليه .
تعجب ذاك الرد ، حاول أن يستل سيفا من برودٍ يواجهها به ، لكن الثلج الغائر في أعماقها كسر سيفه وأشعل برده .
واجهته سبابتها في قوة وهي تقول : الحياة مواقف يا عزيزي ، إما أن تفعل أو لا تفعل ولكل فعل ضحايا .
تنامت دهشته بقوة وقال : ألا يضيرك أن تكوني ضحية ؟
- ولماذا لا تعتبرني ناجية ؟
- أوَ كنت لكِ شركا ؟
- أنتَ رصاصة طائشة ، مست القلب دون أن تميته .
سمع الكلمات ، نطق وجهه بما توقعت قبل أن يصرخ لسانه : أمل ، أمل .
وهو يمضي منسحبا .
ابتسمت ، كانت تعرف أنَّ انتصاره بضعف أمل .
وصله صوتها العالي يقول : الأقوياء يتصارعون في حروب طويلة الأمد لا تنتهي إلا بضعف أحدهم ، ما كنت لتصبح شهيدا على أنقاضي ، ما كنت لتصبح شهيدا على أنقاضي .
كانت تلك آخر كلماتها قبل أن يسدل الستار ويصفق الجمهور الذي وقفت تحييه شاكرة إياه بدمعة .
13/9 / 2008