الجمعة، 26 أكتوبر 2018

حواري لجريدة السياسة الكويتية




رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية

أجرت الحوار شروق مدحت 

تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وتقاليد المجتمع المغلق، تحرص دائمًا على وصف أدق التفاصيل في حياة شخوصها، ترسم الواقع بشكل مبسط وعميق حتى يشعر القارئ بأنه جزء من قصتها. جعلت المرأة البطلة الأساسية في مجموعتها القصصية الأولى « بيضاء عاجية وسوداء أبنوسية « وسبق ذلك العمل أربع روايات هي «قفص اسمه أنا»، «مسرودة»، «الفصول الثلاثة»، و»فستان فرح».
حول مشوارها الأدبي ومجموعتها القصصية الجديدة، التقت «السياسة « الكاتبة رباب كساب في هذا الحوار :
كيف جاءت فكرة هذه المجموعة القصصية؟
تبلورت الفكرة بعد انتهائي من كتابة مجموعة من القصص القصيرة على فترات منفصلة، وصل عددها إلى 24 قصة، قرأتها كوحدة مكتملة، ومن ثم اخترت الخط الرئيس للمجموعة القصصية، واوضحت ذلك في الإهداء الخاص بي « إلى البين بين « وهي امرأة البين بين.
لماذا وقع الاختيار على «بيضاء عاجية وسوداء أبنوسية» عنوانا لها ؟
تم تسمية المجموعة ثلاث أو أربع مرات مختلفة، ولم أصل إلى العنوان النهائي، لكنني بعد اضافة آخر نص للمجموعة شعرت بأنه النص الوحيد الذي انتصرت فيه امرأة « البين بين « وأنجزت به شيئًا كانت تحلم به، المرأة التي طوال الوقت لم تستطع الوصول لمبتغاها ودائمًا لديها الكثير من الأسئلة، كما أنها ليست قادرة على تحديد أو الوصول إلى ما تريد ، فهي فتاة « بيضاء عاجية وسوداء أبنوسية « وقفت في نهاية القصة أمام رغبة كانت تحلم بها وتحققها، وذلك جعلها في حالة من الصفاء، أخرجتها من المكان الذي كانت به وكانت خطواتها تظهر كراقصة ،وذلك الشيء أشعرني بأنني يمكن أن انتصر وأحقق ما أحلم به ،ومن هنا انتصرت لعنوان النص.
ما أبرز القضايا التي تناقشها ؟
أهمها «الحرية، الثورة، والوحدة»، بجانب قضايا أخرى ، فلا توجد قضية محددة اقتصرت عليها في نصوصي ، لأن كل نص في هذه المجموعة يمثل قضية، ومنفرد بذاته وبقصته، ولم أعط نصا مساحة أكبر عن غيره ، بسبب تركيزي على الحالة التي تنتابني شعوريًا ، ومن ينظر للمجموعة ككل يشعر بآلية الوحدة وبثورته الداخلية، علاوة على ما تحويه هذه المجموعة من الأسئلة الوجودية وخبرات الحياة من منظوري الخاص ، وكلها أمور يمكن للقارئ أن يتلمسها ويتعايش معها.
لماذا تقف البطلة حائرة وفي حالة توتر في هذا المجموعة ؟
لأن تلك الحالة تصف امرأة « البين بين « التي يتم تناولها في المجموعة ، وتعكس الحالة المسيطرة أثناء الكتابة .
تعمدتِ إظهار المرأة وهي في مرحلة «البين بين « رغم طرحك 24 قصة داخل المجموعة، ما سبب ذلك ؟
هو نوع من التعبير عن حالات معينة، فيها توتر وقلق مقابل للمرحلة التي كنا نعيشها، ومقابلة لحياتي أنا شخصيًا، أشياء كثيرة كانت تتحكم في حالات المجموعة، حيث انعكست تجربتي الشخصية على ذلك العمل، بجانب حالة الشعب فى المرحلة السياسية التي كنا نمر بها ، فهذه المجموعة كتبت على مدار 9 سنوات وانتهيت منها هذا العام، والجزء الأكبر منها كتب في مرحلة التوتر السياسي بعد ثورة 25 يناير ، ولذلك تم نقل مرحلة التوتر التي كان يعيشها الناس بشكل فعلي، وأنا أيضًا فرد من الشعب الذي مر بتلك التجربة ولذلك انعكست جميع التغييرات على شخصيتي .

مشكلات المرأة
لماذا تم تسليط الضوء على مشكلات المرأة في مجموعتك ؟
ذلك يأتي من واقع أنني امرأة وليس أكثر، وأشعر بمشكلات المرأة أكثر ولذلك أردت التعبير عن حالاتها في مختلف الأزمنة والأعمار، وإن ضمت المجموعة نصا بعنوان « واحد شاى على بوسطة « البطل به رجل .
ما مغزى اعتمادك على صيغة الراوي في سرد الأحداث ؟
الحالة هي التي فرضت تلك الصيغة، حيث أنني من الممكن أن أتحكم في صيغة الرواية، وأستطيع استخدام ضمير المتكلم أو المخاطب ، أما القصة القصيرة تحديدًا فهي التي تتحكم بي .
هل جميع أبطال المجموعة شخصيات حقيقية أم خيالية ؟
جميعها مستمد من الخيال ، فكرة الاعتماد على أشخاص حقيقية قليلة للغاية في أعمالي، وتكاد تكون منعدمة إلا في بعض الحالات التي أصادفها من بعيد من دون أدنى معرفة بها ولكنني أتخيلها، حيث يصعب علي كتابة تجارب الآخرين.
لماذا ذكرت بأن كتابة المجموعة شكلت الرعب الأكبر بالنسبة لك ؟
نشرت 4 روايات ، لكن إصداري لمجموعة قصصية كاملة كان شيئا مخيفا بالنسبة لي ، حيث أن ذلك الفن ليس بالسهل ، فعندما يحدث خطأ في الرواية تسنطيع أحداثها الأخرى أن تداويها، أما القصة القصيرة إذا فقد منها كلمة واحدة، أو زادت سيكون هناك خلل بمفهوم القصة بأكملها، ولذلك كانت تمثل الرعب الأكبر وترددت سنوات في نشرها .
كيف تتعاملين مع الرجل في أعمالك الأدبية؟
بحيادية وفق الحالة التي تم وضعه بها، وأحاول قدر المستطاع أن أكون ذلك الرجل بألمه وبإحساسه، وبالتفاصيل التي أجيدها كأنثى ، فالفكرة لدي ليست انتصارا للنساء على الرجال .
كيف يمكن للنساء التحرر من القيود ؟
من خلال الإصرار، الصبر، العزيمة، والقوة ، وفي تجربتي الشخصية نوع من ذلك الانتصار، حيث ترعرعت وتربيت في مجتمع ريفي مغلق، ومع ذلك استطعت تحقيق ما أحلم به، فالمرأة في مجتمعاتنا ليست ضعيفة على الإطلاق، ولكن الذي يحجم المرأة هو استسلامها .
ما أبرز القضايا النسائية التي يغفلها بعض الأدباء والمثقفين ؟
فكرة الحرية سواء على مستوى الفكر أو الإبداع ، نحن بحاجة لرؤية كل شيء بوضوح ، والوصول للفكرة بلا تعقيدات من خلال المجتمع وظروفه المفروضة علينا، فيجب على كتابنا الانتباه إلى حرية المرأة في حد ذاتها من خلال عدم الاستسلام للواقع المرير والظروف المجتمعية والقهر المجتمعي، فعندما يكون الشخص حرا يستطيع فعل ما يريد ويصل لمبتغاه .
هل تتفقين مع ما يقال بأننا أصبحنا نعيش فى عصر «الرواية» ؟
نعم أصبحنا نعيش في زمن الرواية منذ فترة ، فهي مسيطرة حاليا كتابة للكاتب، و ذوقا للقراء ، كما أن دور النشر تفضل العمل مع الروائيين
هل اختفى الكتاب الورقي لصالح النسخة الإلكترونية ؟
الكتاب الورقي لم يختف لكنه موجود بأسعار مبالغ فيها من قبل دور النشر بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد ، ولذلك يعتبر البديل الإلكتروني هو الحل لتلك المشكلة، ولكنه يحارب لكونه يعد ضد حرية المبدع والناشر، ما يتطلب إيجاد حل للحفاظ على مستقبل الكتاب الورقي وتشجيع القراء، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إصدار طبعة شعبية بتكاليف أقل لتشجيع عدد أكبر من القراء ، حيث أن الوضع الحالي لا يشجع القارئ المحب للكتاب، لذلك يذهب إلى الانترنت والتكنولوجيا حيث يتم الوصول إلى الكتاب والمعلومة في لحظتها .
ذكرت بأن رواية « فستان فرح « اكتملت بثورة 25 يناير ، حدثينا عنها .
بالفعل، حيث كتبت 75بالمئة منها قبل أحداث ثورة يناير بعام ، وتركت العمل وليس لدي نية لإكماله، وبعد الثورة ببضعة أشهر، فكرت في استكماله مرة أخرى حيث توقفت على أحداث انتخابات 2010 التي ذكرتها في الرواية، وتماشيت في الأحداث بصورة طبيعية ،ولكني وضعت الأبطال المتواجدين لدى تحت ظروف الثورة ووطأتها « كالطبيب، القهوجي، وصاحب بقاله، والمدرسة»، فهم أشخاص عاديون وبدأت أنظر كيف يكون تصرفهم منذ التنحي.
ما الذي تمثله رواية « قفص اسمه أنا « ؟
بداية معرفتي بالقارئ وأول فرحة أدبية بالنسبة لي .
ما أبرز المشكلات التي واجهتك أثناء الكتابة؟
التوقف فجأة عن الكتابة، من أبرز المشكلات التي أواجهها ، حيث أن البعد يصنع نوعا من الجفاء بين الكتابة والشخصيات التي أتناولها ، إلى جانب صعوبة التعبير عن بعض الشخصيات.
هل تؤثر الحالة النفسية للكاتب على أعماله؟
الكاتب هو من يـتأثر بالشخصيات التي يتناولها وتنعكس الحالة عليه .
ما تقييمك للمشهد الثقافي في مصر ؟
به الكثير من السلبيات التي تحتاج إلى تغيير، فعلى سبيل المثال ، نحتاج إلى تغيير الوجوه الأدبية المتكررة وتجديد الدماء، وإلى زيادة عدد الفعاليات الثقافية والمهرجانات ، كما أن سياسات النشر بحاجة إلى التغيير، ونحتاج أيضًا إلى نشر وتوزيع الكتب من خلال المؤسسات الحكومية، فمن الممكن توقيع بروتوكولات تعاون بين دور النشر الخاصة مع استخدم آلية توزيع مثل هيئة الكتاب بكل فروعها، ومن المهم تجويد مستوى القراءة من خلال إتاحة الفرصة لجميع الفئات، وتعتبر فكرة إقامة معارض الكتاب جيدة أثني عليها.
كيف كانت طفولتك ، وما تأثير نشأتك على حياتك الأدبية ؟
عشت طفولة هادئة جدًا، مرحة ، منطلقة، وليس بها ما يثير أو يقلق ، أما الحياة فى محافظة الغربية فكانت بالنسبة لي مؤثرة بشكل كبير، فهي التي شكلت نواحي شخصيتي ومعارفي ، وكانت سببًا في ايجاد تحد داخلي للمحيط البيئي، العقائدي ، أو التقاليد .
ماجديدك ؟
أعمل على رواية جديدة بعنوان « على جبل يشكر « وستصدر قريبًا.

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...