من سجن الروح خرجت إلى ذلك الطرف البعيد من الكون سارت ، اقتربت من حافة الوجود ، عانقتها سحب الآهات طبعت على جبينها خاتم المُلك .
هناك حيث يقفون جميعا في مهابة كان مكانها ، كبيرهم وهبها الحياة ، لكنهن ربات الجمال والحكمة جردنها مما يملكن .
اندفعت في تيارات التخبط لتصطدم بذلك المكنون اللامرئي ، مرآة امتصت حرارة التصادم لتولد تلك الجنية ذاتية المنشأ ، بَكرية التوالد ، صاخبة الصوت ، تشبه هؤلاء .... .
صدم الجميع عُريها ، منطقها ألا منطق حتى تخرج الحقيقة عارية .
هي الحقيقة لكل من لا يعلم .
هي الوجود لمن سأم تلك السرابيل البشرية من جلدٍ ولحم .
مشت مشيتها البطيئة ، بل تركت الخطوة تسرع بها ، قفزت .
عُريها يثير كل من التقاها ، عُريها يصنع منها نموذجا للاختلاف بل يصنع منها فرصة لأن تلتقي الروح بمرآتها .
لكنهم حين يواجهونها يصرخون ، إنها من تركتهم للمرايا ،إنهم يرون كل ما خفى عنهم ، في لحظة رأوا انفسهم ، انفجرت أجسادهم ، تعرت ، باتوا لا شيء .
أرواح هائمة ، ها هم صاروا مثلها ، لا ... إنها لا تشبههم ولا يشبهونها ، إنها كهؤلاء .....
قفزت لمواطن أخرى ، لازالت عند حافة الكون ، تصم آذانها ضحكات ساكني الأوليمب ، من علٍ يشاهدونها ، يرونها تسير بخطى المترنح وهي تظن نفسها ثابتة ، إنها الحقيقة ويعلمون ، يضحكون ، يقهقهون وهي تقفز ، كلما سارت ثار الناس وانتشرت المرايا ، قليل منهم باتوا لا ينظرون بمراياهم ، أصوات الزجاج المتهشم تصم الآذان ، يهربون .
أخبار انتقالاتها تصل قبلها ، الجميع يحذر من مقدمها . صاروا يعتمون النوافذ بالأزرق والأسود يفعلون المستحيل لتبقى سرابيلهم .
تبكي فشلها معهم ، تتركهم لكنهم يسبقونها فينشرون خبر مقدمها ، يصاحبها الفشل .
تصرخ .
تخر الجبال لصراخها ، يبلع الموج سفينه ، تخرج الأرض ما في جعبتها .
تصرخ .
تواصل الآلهة ضحكاتها .
يسقط السحاب سيولا وهي بعد لم تزل تصرخ .
انحنت تحتضن بعضها بعضا ، تقوقعت ، باتت تضمحل شيئا فشيئا ، سالت أجزاءها على الأرض المبقورة ، اختلطت بمياه السيل ، لمست أطراف الريح الثائرة ... هدأ الكون .
استقر البحر .
صمتت ضحكاتهم .
عادت المرايا .
16/5/2010