الجمعة، 21 مايو 2010

هلوسة ... حين تكون الكتابة للكتابة


هلوسة ( حين تكون الكتابة للكتابة )


من سجن الروح خرجت إلى ذلك الطرف البعيد من الكون سارت ، اقتربت من حافة الوجود ، عانقتها سحب الآهات طبعت على جبينها خاتم المُلك .
هناك حيث يقفون جميعا في مهابة كان مكانها ، كبيرهم وهبها الحياة ، لكنهن ربات الجمال والحكمة جردنها مما يملكن .
اندفعت في تيارات التخبط لتصطدم بذلك المكنون اللامرئي ، مرآة امتصت حرارة التصادم لتولد تلك الجنية ذاتية المنشأ ، بَكرية التوالد ، صاخبة الصوت ، تشبه هؤلاء .... .
صدم الجميع عُريها ، منطقها ألا منطق حتى تخرج الحقيقة عارية .
هي الحقيقة لكل من لا يعلم .
هي الوجود لمن سأم تلك السرابيل البشرية من جلدٍ ولحم .
مشت مشيتها البطيئة ، بل تركت الخطوة تسرع بها ، قفزت .
عُريها يثير كل من التقاها ، عُريها يصنع منها نموذجا للاختلاف بل يصنع منها فرصة لأن تلتقي الروح بمرآتها .
لكنهم حين يواجهونها يصرخون ، إنها من تركتهم للمرايا ،إنهم يرون كل ما خفى عنهم ، في لحظة رأوا انفسهم ، انفجرت أجسادهم ، تعرت ، باتوا لا شيء .
أرواح هائمة ، ها هم صاروا مثلها ، لا ... إنها لا تشبههم ولا يشبهونها ، إنها كهؤلاء .....
قفزت لمواطن أخرى ، لازالت عند حافة الكون ، تصم آذانها ضحكات ساكني الأوليمب ، من علٍ يشاهدونها ، يرونها تسير بخطى المترنح وهي تظن نفسها ثابتة ، إنها الحقيقة ويعلمون ، يضحكون ، يقهقهون وهي تقفز ، كلما سارت ثار الناس وانتشرت المرايا ، قليل منهم باتوا لا ينظرون بمراياهم ، أصوات الزجاج المتهشم تصم الآذان ، يهربون .
أخبار انتقالاتها تصل قبلها ، الجميع يحذر من مقدمها . صاروا يعتمون النوافذ بالأزرق والأسود يفعلون المستحيل لتبقى سرابيلهم .
تبكي فشلها معهم ، تتركهم لكنهم يسبقونها فينشرون خبر مقدمها ، يصاحبها الفشل .
تصرخ .
تخر الجبال لصراخها ، يبلع الموج سفينه ، تخرج الأرض ما في جعبتها .
تصرخ .
تواصل الآلهة ضحكاتها .
يسقط السحاب سيولا وهي بعد لم تزل تصرخ .
انحنت تحتضن بعضها بعضا ، تقوقعت ، باتت تضمحل شيئا فشيئا ، سالت أجزاءها على الأرض المبقورة ، اختلطت بمياه السيل ، لمست أطراف الريح الثائرة ... هدأ الكون .
استقر البحر .
صمتت ضحكاتهم .
عادت المرايا .
16/5/2010

هناك تعليقان (2):

good4u يقول...

لا اجد تعليق اجمل من ان الدكتور علاء الاسواني كان له مدونة مثل هذه
اكتبي والفي قصصا كل يوم
ربما ياتي اليوم التي لا تجدي وقتا للكتابة من كثرة رواياتك التي كتبتها من قبل

رباب كساب يقول...

أستاذ سيد

أسعدتني كلماتك كل السعادة

شكرا جزيلا لمرورك الجميل

لك كل التحية وصادق الود


رباب

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...