السبت، 8 ديسمبر 2007

محاكمة ابتسامة

محاكمة ابتسامة

منذ المساء والقرية لا هم لها إلا سيرة عبير وما اقترفته عبير ، الأفواه جميعها تلوك سيرتها ، الخبر تناقلوه كانتقال النار في الهشيم .خرجت في الصباح ورأت بعينها الغمز واللمز والنظرات التي تخترقها اختراقا وهي لا تدري ماذا حدث ؟ إنهم يردون تحيتها يبتسمون ابتسامة غريبة ، رأت في عيني البعض شماتة .تعجبت !!! إن لها سيرة كما اللبن الحليب ، نقية ، يحبها الجميع ، يحلفون بأخلاقها يتمنون أن تكون جميع بنات القرية مثلها .قابلت إحدى صديقاتها وهي في طريقها لعملها سلمت عليها فإذا بالفتاة تقابلها ببرود لم تعهده من قبل فسألتها أخبرتها الفتاة ما سمعته من أهل القرية أكدت لها ما شعرت به وقالت : لقد كنت تبتسمين في فرح .صمتت عبير ولم ترد ، تركتها ومضت .رمقتها الصديقة بتعجب فلقد زادت داخلها الشكوك ، صمت عبير يؤكد الحدث لديها ولدى أهل القرية جميعهم.إلا عبير !!!!مضت في طريقها ، النار تستعر بداخلها ، إن ما عاشت تبنيه طوال سنوات عمرها انهار مرة واحدة سقط كأن لم يكن له وجود ، نُسي ولم يبق إلا ما حدث أو ما عُرف من جديد ، غضبت إلا أنها لم تطأطئ رأسها ، لم تنحني، لم تخجل ، ليس من حقهم أن يحاسبوها .إنها لم تنحرف عما رسمته لنفسها من طريق وما رسموه لها أيضا ، لم تخطئ لكنها بعد طول انتظار وجدت ضالتها .ليس من حقهم الحكم عليها وهو لا يشعرون ولا يحسون بمثل ما تحس .كان العمر يمضي بها وهي تحيا حياة باردة ليس فيها من جديد لا حضنا دافئا ولا حبيب شغلها الشاغل دراستها ثم عملها ، الحب وقفت أمامه صدته بكل ما تملك إنها لا تعرف سوى طريق المأذون من يريدها يذهب إلى أهلها لا لها ، لم تكن تعلم أنها لم تستجب لأنها لم تحب ولأن كل هؤلاء لم يداعبوا خيالها لم يحركوا بها شعرة واحدة .حتى قابلته منذ الوهلة الأولى وهي تحس به وقد اخترقها بات واستقر في عقلها وقلبها كان هو ما تحلم به وتنتظره منذ أن جاءت الدنيا ، كيف تغلق الباب تلك المرة؟!!! كيف تحكم عقلها وقد استجاب إليه ؟!!كيف تصد أذنيها عن كلمة الهوى وهي تشتاق لها ؟بل وهي تسمعها مختلفة هذه المرة ، لم تكن كأي كلمة حب سمعتها من أي إنسان من قبل لقد ذابت فكيف لها أن تجمع شتاتها مرة أخرى ؟!!!!لم تذهب لعملها عادت للقرية شامخة كما كانت ، عادت بثباتها دون أن تخشى أحد ، مرت على بعض النسوة وهن جالسات على باب أحد الدور مشت بترفع دون أن تعبأ بهن دون أن يهمها من رآها معه في المدينة ولا ابتسامتها التي ظلوا جميعا يحكون عنها ويتحاكون وهي تمشي بصحبته .كيف لها ألا تبتسم وتضحك وتفرح وهي إلى جواره بمشاعر وأحاسيس وأفراح لم تكن تدرك وجودها من قبل .كيف يحاكمون قلبا عاش مسجونا منقادا لأهوائهم وتقاليدهم ؟كيف يحاكمون ابتسامة ؟
رباب كساب
12/2/2007

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...