الثلاثاء، 29 يناير 2008

عاشقان

عاشقان
أنا وهو حبيبان لم نفترق يوما ، عرفته منذ ميلادنا لا بل مذ كان جنيناً في رحم أمه .
بيني وبينه الكثير والكثير ، هويته وهواني أعطيته كل ما لدي وما أملك ، لم ابخل أو أضن ، رهن إشارته كنت وطوع بنانه عشت .
كان لي وكنت له حتى تسلل إليّ المرض وصار ينهش أوصالي ويحطم على جدره أحلامي كدت أنهار وأتداعى لولاه ، وقف إلى جواري ، ساندني وجند نفسه لخدمتي لأكون حتى لو لم يكن هو .
أخذوه مني وتركوني أشاهد انتهاكه ، رأيتهم بعيني التي لم أستطع أنْ أغمضها ، رأيتهم يسحلوه ويتلذذون بعذابه وبعذابي من أجله .
أبصرته معلقاً في الهواء مربوطة يديه إلى أعلى وجسده يتدلى وأثار ركلاتهم وضرباتهم عليه ، اختفت ملامحه .
نزل السوط على ظهره لينتفض جسده انتفاضة كاد يقف معها قلبي ، تلقى ضربة على صدره لتكون انتفاضة أخرى دون آه تخرج منه ، ترك لي الآهات والصراخ .
أذكر في لحظةِ صفاءٍ بعيدة كنت وهو حين قال لي : لو بيدي لجمعت نجمات السماء لأرصع لك بها تاج مُلكك ، وأغوص في بحارٍ وبحار وآتيك بكل لؤلؤة لأصنع منها عقدا يزدان به جيدك ، ومن شعاع الشمس أخيط ثوبك الشفاف ، ومن سنا القمر هالة أخفيك فيها عن العيون .
سمعته ولم أتمكن من الرد ، لم أعرف ماذا أقول ، انحدرت دمعة من عيني فلثم دمعتي تلقاها بشفتيه وطبع قبلةً على جبيني وذبت في حضنه .
وها هم يأخذوه مني نزعوا أظفاره حتى لا ينبش بيديه في تاريخهم ، تتوالى الضربات والصفعات ومع كل ضربة انتفاضة تُميتني ، يعذبونه ويخشى عليّ .
عيناه تقول لي : لا ، لا تبكي لا تصرخي .
لكم قال لي في عذابه بعيونه : كم يهواني .
وبكل صرخة صرختها كنت أستحلفه بها أن يقاوم ، أن يبقى إلى جواري .
حبيبي اعلم أنك حبيبي من كان قبلك ومن سيأتي بعدك أعلم أنكم تحبونني ، كلكم تحبوني وأهواكم .
قال لي وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة : أحبك يا عمري .

رباب كساب
نوفمبر 2006

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...