الاثنين، 25 فبراير 2008

اعتزلت الغرام


اعتزلت الغرام


جلست معه وعيوني تطلع به ، أرتشف من كوب الشاي رشفات متباعدة .
أراقب ملامحه جيدا وهو يقرأ كتاباتي ، أحاول فهم انطباعاته ولكنه لم يفصح جيدا .
تارة ألمح لمعةًً بعينيه ، أتراها إعجابا أم دهشة ؟! وتارة أحس ابتسامة على شفتيه تحارب لتكتمل ولكنه بالكاد يخرجها .
أسعيد بكلماتي أم أنها سخرية ؟!
تعبيرات وجهه فشلت في تفسيرها .
قلبي ينتفض ، أعلم أنه لن يستطيع أن يتصيد لي خطأً واحداً ، ولكني أعرف أنه قد يفعلها .
أغرور أم ثقة ؟
أحس قلبي فهو لا يُخطئني إحساسه ، لذا أنا واثقة .
كم تمنيت هذا اللقاء لأطلعه على أوراقي ، فهو الناقد الكبير ؛ سعدت بدعوته لي لشرب فنجان الشاي والحديث .
درت بعيني في المكان ، لكم هو رائع اختياره ، وكأنه يختار كلماته .
عدت لوجهه ولعينيه التي بين سطرٍ وآخر تطلع لي دون أي تعبير فيهما ، كنت أعلم أنه يريد أن يرى أثر قراءته في نفسي ، لم أعطه الفرصة ليشهد ترقبي و لهفتي لأسمع رأيه فيما أكتب .
قطع الصمت ارتفاع صوت ماجدة الرومي بالمكان : يقول لي حين يراقصني كلمات ليست كالكلمات .
هي بحق ليست كالكلمات ، كل ما أكتبه هو إحساس ، لكم أحببت على تلك الأوراق ، ولكم عشقت حتى بات العشق داخلي كما الدم يسير بأوردتي وشراييني .
- يأخذني من تحت ذراعي يزرعني بإحدى الغيمات .
السكون الذي يلاحقني يجعلني كساكني السحب ، كالطيور المتحررة من كل قيد ، أنا حرة .
- المطر الأسود في عيني يتساقط زخات زخات .
أيها القلب انسى ما ذرفت من دمع ، لا تكن أسود ، من اعتاد الهوى ، يرتفع عن صغائر الأمور والضغائن .
أحسني طائرة .
قال لي بحماسة : رائع ما سطرته هنا على تلك الأوراق ، قاصة بارعة .
الطير الساكن إياي قد فرد جناحيه وحلق عاليا ، طار بي ، رفرف بالمكان .
في ساحة المطعم احتضنت كل ما أملك من وجودي ورقصت بخطوات ثابتة ، خطوة للأمام وأخرى للخلف واحدة لليمين وأخرى لليسار .
هذا الحذاء العالي يقيد طيراني ، يمنعني من أن أطير أكثر وأكثر ، وددت لو خلعته .
كان ينظر لي نظرات غريبة ثم سألني : أين أنتِ ؟
تلعثمت ، ترى بماذا أجيبه ؟
أأقول بأني أرقص ؟ مَن يشاركني رقصي ؟
- كلمات ليست كالكلمات ............... كلمات .
أكل ما خطه قلمي كان كلمات ؟ ! ويحي !
اندفعت ليديه أختطف الأوراق خطفا ، أقلب فيها ، تجاهلت سؤاله المتعجب ونظرات الدهشة وكل شيء ، فقط أتصفح الأوراق .
- أُحبكَ ..................... أُحبك ِ .
- باعدت بيننا السنون ولازال يسكنني .
- كان هيامي به وعشقي له مجرد احتمال تحقق .
هالني كم الحب ، آه قلبي المسكين كم عذبتك .
- ما بك ِ؟ ماذا حدث ؟ دعيني أكمل لك ملاحظاتي ورأيي .
- لست بحاجة لرأيك فلقد اعتزلت الغرام .

رباب كساب
18/2/2008
هذه القصة تم نشرها بجريدة الراي الكويتية بعددها الصادر يوم الخميس 28/2/2008

هناك تعليقان (2):

أحمد منتصر يقول...

القصة رائعة يا أستاذة رباب تحياتي

ومبارك على المدونة :)

رباب كساب يقول...

احمد منتصر

شرفت بوجودك وبمرورك الرائع

بارك الله فيك

خالص ودي

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...