الجمعة، 26 ديسمبر 2008

ابنتي


ابنتي

أدرت ظهري عنها ، وخرجت من بابٍ لم أعد له مرة أخرى ، كنت أعرف أني وهي لن نتفق أبداً ، تلك التي منطقها الحياة الحب .
ساعات من الانتظار حملتني إلى آفاق غريبة بعيدة ، هناك التقيت بالمجهول المنتظر ، وقابلتها ، ألقت بها الصدفة في طريقي ، لا أدري لماذا ؟
نظرت لي بذات النظرة المعبرة قاصدة حوارا لم يكتمل ، لم تبادر هي بالكلام ، وجهت لها سهام نظراتي الصامتة وقد عادت كلماتها في لقائنا الأول ترن بأذني : الحياة الحب .
ما كانت تدري أنه قدم لي الكأس التي أفرغتها في جوفي العطش لهبا أحرقه .
كانت روايتي ناقوس هزت دقاته كل ثوابتها ، أخذتني في لحظة بكائية على صدرها ، ربتت على كتفي كما لو كانت أمي .
أمي !! نسيت تلك الكلمة مع غيرها من الكلمات التي شطبتها من قاموس حياتي ووجودي .
استيقظت قبل سنين وأنا لست أنا ، تَرَكْتَنيِ في وادٍ بعيدٍ تتفرق فيه الأمنيات كنباتات الصبار في قلب الصحراء ، بين الحين والآخر أحن لصدرها الذي حرمتني منه ، كانت هناك دائما أولويات كنت آخرها .
الأيام تمر باردة ، من شاطئ لآخر تقذف بي ، وما من شاطئ يحمل لي لحظة فرح .
يوم خرجت من أحشائي امرأة أخرى انضمت لطابور النساء لم أكن أعلم أني ارتكبت جرما حين وضعتها أنثى .
خشيت أن أكون كتلك التي كنت في نهاية طابور اهتماماتها .
لكن تلك الآهة التي أخرجتها للنور ، والدمعة التي استقبلها خدها الناعم حين أبصرت براءتها ولَّدت داخلي حبا ما تخيلته .
بكاءها أوجعني فرحت أتساءل : هل أوجعها بكائي يوما ؟!!
ألقمتها ثديي وراقبتها مرات ومرات وهي تمتص رحيق الحياة مني .
أشعر بجوعها وأنا بعيدة عنها ، ترسل نداءات تؤلم صدري المكتنز بحليبها ، أهرع في عجل إليها ، ولا أعبأ إن كانت تفضل ثديا عن الآخر ، هي ما تهمني لا مظهري .
ليال سهر تتالى ، ودموع أمسحها بقلبي ، وسنوات تمر وأنا أرقب نموها ، أتركها تتساند على أناملي وهي تخطو أولى خطواتها ، وأساعدها لتنطق أول كلماتها ، كنت أول من نادتها.
- ماما .
كم هي جميلة تلك الكلمة من فمها .
صور شتى لأيام كنت أعدها الأحلى .
إلا أنها قصمت ظهري بضربة قاضية أخلفت توقعاتي حين وقفت في براءة أمام القاضي وقالت : أريده هو لا هي .
خسرت كل قضاياي في لحظة واحدة ، كم دافعت عن مظلومين ، كم أخرجت أناس من غياهب سجونهم ، وحبستني ابنتي في سجن للأبد .
خرجت من ساحة محاكمتي مهزومة مرتين ، وشعور بالانكسار يمزقني .
لحظتها عرفت أن الحياة لا تعرف كنه الحب .

15 / 8 /2008

هناك تعليقان (2):

رندا يقول...

أمام القاضي وقالت : أريده هو لا هي
لحظتها عرفت أن الحياة لا تعرف كنه الحب .

**

اولاً وحشتينى جداً جداً بشدهـ

ثانياً اهذة قصة من خيالكـِ !!

ثالثا لم تكن تلك قصة من وحى خيال ربابـــــــــ ابداً لم تكن !! بل هذة حقاً قصه تعايشتـــ مثلها نعم ,,مع فقدى لكل شئ وفقدى للحياهـ التى كانتـ امس حياهـ

كم اشتقتــ كثيراً الى كلماتكـِ الى ربابـ

قصتكـِ تلك المرة فيها كل الاختلافــ

فيها نبضى

سلمتــ اناملكـِ وبلاش تاخير تانى بتوحشينى اوى جداً

عام هجرى سعيد
وعام جديد سعيد عليكـِ وعلى اسرتكـِ وعلى كل احبابكـِ

رباب كساب يقول...

راندا

بجد إنتي اللي وحشاني أكتر مفتقداكي بشكل وحش

هي فعلا قصة من خيالي ويارب ما يكتب على أي أم إنها تقع في نفس الموقف

كل سنة وانتي بسعادة وخير ربنا يجعل أيامك كلها هناء يا راندا

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...