سر الورقة
ليلة مطيرة لم تمنعها من الخروج إلى عملها ، لكنها لم تكن بطبيعتها ، كانت دائما تحمل وجها بشوشا تُطل به على العالم كستار تخفي وراءه كل ما تحمل وما تُلقي إليها به الدنيا .
ابتسامتها في وجه مرضاها كانت تعتبرها نوعا من العلاج تحرص على تقديمه دائما .
أما اليوم كل من يراها يتعجب ، أين بشاشة الوجه ؟ أين ضحكة سنها الجميلة التي تكشف عن لؤلؤ صاف ؟!!
وجهها العابس أعطى الممرضات فرصة للهمس عليها ، وللمرضى بالسؤال ، لكنها لا تجيب أحدا ، ولا ترد على أي استفسار فهي كالغائبة ، تؤدي عملها بطريقة آلية معتادة .
زملاؤها من الأطباء يعرفون أنَّ هناك الكثير من المشكلات في حياتها ؛ لكنها أبدا لم تتوقف أمامها كانت تقابلها بسخرية لاذعة ، وقوة لا تمكنهم من الإشفاق عليها لحظة واحدة .
رنَّ هاتفها الجوال ردت على محدثها بكلمات مقتضبة لا تفصح عن شيء ، لكن وجهها يحمل الكثير من الهَمْ .
تسرب خبر تجهمها بين الجميع ، التردد حالة أصابتهم جميعا رغم السؤال المُلح ماذا حدث للدكتورة يُمنى ؟ لكن لم يجرؤ أحد على تخطي الحاجز الذي بنته في كل سنواتها الماضية .
دخلت حجرتها ، أمسكت بأحد المراجع الطبية وجلست تقرأ ــ تظاهرت بالقراءة ، ذهنها كان بعيدا عن المرجع ــ فترة ليست بالقصيرة قبل أن يتم استدعاءها لحجرة مريض داهمه الألم فجأة .
قامت مسرعة ، سقطت منها ورقة لم تنتبه لسقوطها التقطتها زميلتها التي تشاركها الحجرة ، وقبل أن تهم بمناداتها كانت قد انصرفت متعجلة لأنها تعلم خطورة حالة المريض .
وضعت الطبيبة الورقة أمامها دون أن تفتحها ، إلا أنَّ الفضول كان يتلاعب بها واضعاً دناءته حائلا بينها وبين زميلتها وخصوصيتها .
بيد غير مرتعشة مثقلة بفضول صاحبتها ، مدت يدها لتلتقط الورقة الموضوعة في سكون على المنضدة حيث وضعتها ، فتحتها في نفس اللحظة التي انتهت فيها يُمنى من إسعاف مريضها وخرجت من الحجرة لتضع يدها في جيبها ولتصطدم بالفراغ ، أين ذهبت الورقة ؟
أين وقعت منها ؟
تملكها الفزع ، في لحظات سوف تكون المستشفى كلها على علم ، أين سقطت تلك اللعينة ؟
كانت تنتظرها حياتها كلها متعلقة بفحواها ، كانت تعرف النتيجة مسبقا بصفتها طبيبة ، لكن كان لديها الكثير والكثير من الأمل .
الأمل الذي تهبه مرضاها ، الأمل الذي توزعه ابتساماتها وكلماتها .
مَنْ سوف يهبها هي الأمل ؟
مَنْ سيهب أطفالها بعضا مما كانت تعطيه لهم ؟
كيف ستواجه الشفقة التي ستعبر العيون سهاما تخترقها ؟
الأسئلة كانت عديدة ، لا تكف عن مداهمتها منذ تلك اللحظة التي تسلمت فيها تحاليلها الأخيرة وكانت النتيجة إيجابية .
19/6/2008
هناك 11 تعليقًا:
قرأتها مرتين تلاتة عشان أفهم وأجمع
حلوة القصة يا رباب
الطبيبة إللي كانت منارة عافية للمرضى والزمنى انقلبت عليها الطاولة وصارت مريضة هي الأخرى
حلو اسم الطبيبة (يُمنى) له دلالة وظفتيها جيدا
برضه الواحد مهما حاول يحافظ على خصوصيته احتمال كبير ف ثانية واحدة وبخطأ بسيط تنكشف كل أسراره أو سر خطير ويبقى شكله وحش جدا
إيه التاني؟
القصة مفهاش عقدة هيا وصف لحالة البطلة وده المحور (وصف حال شخص ما) إللي بتدور حواليه كل قصصك القصيرة حسب ذاكرتي الضعيفة. فهل إنتي قاصدة كده؟ وهل حتستمري على كده؟ وهل كتبتي حاجة قصيرة قبل كده فيها كذا شخصية؟
يلا بقى متقلش عليكي وطبعا منستش الأخطاء اللغوية بس أبقى أقولهالك ف رد تاني عشان عايز أنام
لول
تحياتي
غريب جداً أننا نعتبر المرض ضغف ومثير للشفقة .. لكن هذا هو حال الإنسان .
أما المعالجة فهي ذكية جداً ومُبدعة كالعادة وبها الكثير من التشويق ، قصتك لم تخرج عن قواعد القصة بل التزمت بها تماماً كما قال الكتاب ،
سلم قلمكِ وحرفكِ المُبدع
لكِ التحية
أعجبني اسم القصة
فيه غموض وتشويق
قصة جميلة ووصفك مؤثر..
لكن لماذا عندما نمرض نخجل من الناس؟؟
هل المرض عيب؟؟ أم أننا لا نريد الشعور بالضعف أمام الآخرين؟؟
ولكن لو كنت محلها لتحفظت على هذا الخبر جيدا.. فأنا اتحفظ على أشياء أقل اهمية من المرض بطبيعتي..
قصة جميلة تحياتي لقلمك المبدع
كالمعتاد سابدأ بالاثناء علي الموهبة وحرفية المعالجة وهذا شئ قد يجلب الملل لذا دعونا نتخلي عن هذه العادة
اما عن موضوع الخجل فانا اعتقد انك قد اجدتي وابدعتي حين اوردتي هذا العنصر وذلك لان اغلب الاشخاص الذين يجدون في انفسهم الطاقة الفياضة فلايبخلون بها عن من يحتاجها غالبا ما يصعب عليهم ويضني ان تسير الامور بشكل معكوس لاي سبب من الاسباب
بل انهم بالفعل يفضلون في حالة الخطوب الانزواء واشهار وجها جامدا لا يكشف شيئا مما يعتمل بداخلهم الي ان يأتيهم الفرج من الله
كان عنصرا في محله يا رباب وانت التقطتيه بمهارة ليست جديدة
تحياتي
(فينك؟)
الجلسة إن شاء يا شباب يوم الاثنين 7-7-2008
من الساعة السادسة إلا ربع حتى السابعة مساء
اسألوا عن منتصر أو طارق عميرة.
والدعوة مفتوحة للجميع.
يعلن حزب الجبهة عن عمل جلسة أدبية لعرض الأعمال الشخصية ومناقشة آخر المستجدات الثقافية بمقر حزب الجبهة بطنطا. عمارة الأوقاف الدور الثالث شارع المدارس بجوار المحطة بداية من الأسبوع المقبل.
أحمد
المهاجر
شهرزاد
التائه في وسط البلد
حقيقي كلامكم بالظبط زي النور اللي بلاقيه فجأة في وسط الضلمة
بتدوني إحساس ببكرة وببعض الأمل لولاكم مكانش هيبقى جوايا رغبة لأي شيء فعلا
كل كلمات الشكر مش هتكفي ولا هتعبر عن إحساسي بجد
واعذروني للغياب والتأخير في الرد مشغولة شوية كنت بخلص روايتي الجديدة وكمان نويت أذاكر عشان تأهيلي الدكتوراه محتاجة دعواتكم جدا
خالص ودي وتحياتي لكم جميعا
رباب
أحمد منتصر
كان نفسي أبقى موجودة في الجلسة دي بس الحظ بأة مش مواتي عندي مشوار ضروري برة الغربية كلها سفر يعني يوم الاتنين
ماليش حظ
على فكرة أنا لسة عند اتفاقنا هتراجع لي الرواية وتصححها بس الشغل شغل فاهمني طبعا
تحياتي
رباب
يا خسارة يا رباب
عموما ربنا يوفقك ف الدكتوراه
وتاخديها عن جدارة بأسرع وقت
وربنا يوفقك ف الرواية الجديدة ما عننا لسه بنعيش أصداء الرواية الأولى وكانوا طلبوا مني عدة نسخ نشتريها منك نبيعها ف الحزب
وخلاص إن شاء الله لما تنتهي من الرواية الجديدة وتقتليها مراجعة وتعديلات أنا ف خدمتك لتصحيحها لغويا والشغل شغل يا ستي وإنتي فاهمة طبعا هع هع :)
تحياتي وربنا يباركلك يا رب :)
عجزت عن التعبير بمدى ابداعك
بجد اسلوبك هايل
تقبلى مرورى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واقعة مؤلمة وقصة مشوقة البستها علينا لباس المنظور الملموس
وتدل على الكثير مما يحدث للكثير
المرض ليس سوى إبتلاء أو اختبار
فمن أبتلى فقد نجا ومن اختبر فعليه الصبر للمنجا
وواهب الأمل لا عمر ولا أمل
إنما هو الله الذى يهب الأمل
أعتقد بان هذه ليست قصة مؤلفة
إنما هى واقع ملموس
وأنى ادعو الله لكل مريض بالشفاء ولكل سليم صحيح بالإعتبار
ولنعلم أن الله أرحم واحن على عبده من والديه .
وان رحمة الشاة برضيعها فترفع حافرها مخافة أن تؤذيه ما هى إلا جزء من سبعين جزء من رحمة الله .
الراعى
مواطن زهقان ( كلنا زهقانين ربنا يدينا القوة ويصبرنا )
أبو حارس
شرفت بكما وبوجودكما جدا
تقبلا مني خالص ودي وتحياتي وجزيل شكري
رباب
إرسال تعليق