الجمعة، 11 مايو 2018

خالد جعفر يكتب : رباب كساب بين الأبيض والأسود



بيضاء عاجية سمراء أبنوسية عنوان المجموعه القصصية الجديدة التى صدرت للأديبة والكاتبة المبدعة رباب كساب صاحبة الروايات الأربعة ، التى استطاعت من خلال قصصها رسم صورة الواقع . تستشعر وأنت تقرأ الاحداث أنك كنت تشاركها فى نسج تفاصيلها ، وربما تكون واحداً من أبطالها . وبراعة المجموعة القصصية لرباب كساب تبدأ من غلاف الكتاب ، الذى تم اختياره ببراعة وعناية فائقة ، فهو وحده يحكى قصة منفردة ينضم بتفاصيله إلى تلك المجموعة . فى النصف الأعلى من الغلاف وجه أنثوى منقسم طوليا إلى نصفين أحدهما أبيض والآخر أسود ، وفى النصف الأسفل للغلاف صورة بيانو بتقسيمات لوحة مفاتيحه البيضاء والسوداء مع اللون الأحمر الذى يعطيك انطباعاً عن مصرية الحدث ، مما يجعله يرصد لك المضامين المشكلة لقصص المجموعة .رباب كساب رصدت رصدا ضمنياً التحولات الاجتماعية في المجتمع المصري بالتلميح الرقيق وبلغة بسيطة ، واستطاعت توظيف العامية بذكاء شديد ، كما حدث وقالت فى مطلع قصة الوردات الأربعة على لسان جدتها . إللى مالوش امبارح مالوش النهارده . أربع وردات يا نضرى .. والمفردات اللغوية للمجموعة تتناسب ثقافياً مع شخصيات القصص وتلائم مستواها الاجتماعى ، مما يعطيك صدقا عفويا وصلت فيه إلى حالة من حالات إبداع – لاوعى الكتابة – . وبذكاء شديد تسحب الكاتبة عقلك إلى مساحة المضمر والخفى في بعض الأحداث كما فى قصة – بلا ملامح – لإثارة ذهن القارئ .والأنثى هى المحور الرئيسى فى المجموعة القصصية بتفاوت أشكالها الاجتماعية ، وهى بطلة معظم قصص المجموعة ، وهذا يبين لك أن الكاتبة استطاعت ان تلمس بأنوثتها المشكلات المجتمعية للمرأة فى مجتمعنا ، مثل الإجبار على الزواج والزواج المبكر . فالمرأة فى الأحداث مترددة دائماً وتعيش فى مرحلة البين بين ، فهى نصف جريئة ونصف طموحة ، ونصف .. ونصف ..وتظهر عبقرية الكاتبة فى أنها استطاعت أن تظهر دون إشارة وبتلميح خفى إلى البطل المفقود أو الغائب الذى تنتظره المرأة فى مجتمعنا دائماً .كما أنها كانت على قدر عال من التوفيق فى استخدام ضمير الغائب فى سرد الأحداث على طريقة الراوى الخارجى كما فى قصة – لوحة إعلانات – وهى طريقة يستطيع الكاتب أن يخرج بها من بعض المواقف ويبعد عن منطقة فرض الذات ، مستخدمة في ذلك لغة أشبه باللغة الشعرية فيها حالة من التدفق التلقائي للمفردات والتراكيب اللغوية ، مع ترك مساحة للخيال عند القارئ بالنهايات المفتوحة .ولأن رباب كساب روائية فى الأصل نلحظ فى مجموعتها وحدة الزمن متمثلة فى معظم القصص وبين جميعها امتداد زمنى واحد ، وكأنها حبات عقد جمعها خيط واحد فى تناسق وترابط .رباب كساب فى كتاباتها المتنوعة تشعر معها أنها قريبة منك ، تفكر معك ، وتتحدث بلسانك ، وتعبر عما يجول في خاطرك .. وتبقى مجموعة بيضاء عاجية سمراء أبنوسية إضافة جديدة ورائعة فى عالم القصة القصيرة .

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...