أتراه ساحرا ؟
الصوت بداخلها يرتفع صداه ، الكلمة تسمعها تنخر في عظامها ، أنينها الداخلي كما صوت المدافع يدوي ، شيئا ما يحثها لتخرج عن صمتها لتصرخ لتعلن عصيانها.
إلى متى ستظل تحت رايته ؟ ألم يحن الوقت للهروب من طاعته ؟
قابلها ذات صباح ابتسم لها ، قَبَّل وجنتها وضعت يدها في يده سارت معه كانت إلى جواره تشعر بحرارة يده تتسرب إليها ولكنها لم تكن دفئا وإنما نارا حارقة .
كلماته الحلوة طاوعتها استكانت لها كثيرا ولا زالت تستكين ، كلما داعب خيالها بها كلما رضخت أكثر وأكثر .
كانا قد اتفقا أن يمضيا اليوم سويا رغم أنها كانت تريد فترة لتبتعد إلا أنها لا تقدر على البعاد إنه يكبلها بشيء تجهله كلمات الحب تدغدغ أوصالها وكيانها .
ذات مساء حرمها صوته وكلماته فلم تنم ، لم تأكل ، لم تشرب حتى سمعته وسمعت عباراته ، إذا تمردت حرمها منه فتعود طائعة على الفور .
كان يعرف كيف يردها إلى حظيرته إنه يتحكم بها يعرف متى تجوع ومتى يمد يده لإطعامها ، فهو يمسك بخيوط اللعبة كلها .
في لحظة أن سارت معه ومرت بضع دقائق حتى نست ما كانت تفكر به صارت تسمع له وتهب كل ما تملك من مشاعر حلوة وأحاسيس جميلة ، كان يأخذ منها كل ما لديها وترى في كلماته المنمقة كل ما يقدر أن يقدمه لها وتختلق له أعذارا .
جلسا في مكانهما المعتاد تقاسما الطعام والشراب ، دائما ما تعطيه الكثير من نصيبها ولا تطلب شيئا يكلفه .
لم تحس إلى جواره بالوقت المار ولكنها في لحظة التفت عنها مشيرا للجرسون رأت تلك الشعيرات البيض التي تتخلل رأسه فأخرجت على الفور مرآتها نظرت بتمعن لصورتها عبر المرآة لمحت خطوط التجاعيد التي تركن إلى جوار عينيها ، أدخلت المرآة في حقيبتها وهي تتحسر على أيام العمر التي تمر دون أن تدري وهي معه .
لاحظ ما بها قرأه في وجهها أدرك ما تفكر به عاجلها بكلماته قبل أن تنطق فابتلعت الكلمات وغابت في واد جميل اختلقه خيالها .
أمست الدنيا وهما لا زالا معا ، هو يسير وهي إلى جواره يدها في يده ، النار التي تلفحها تزيد شيئا فشيئا همت أن تبعد يدها فإذا به يتمسك بها ويضغط أكثر وأكثر عليها .
اقتربت من منزلها وصلا إلى مدخل العمارة الشاهقة ، تركت يده لتصعد ، في تلك اللحظة التي أعطته فيها ظهرها شعرت بأنها تفيق من سحره ، همت أن تلتفت لتنطق بشيء رأى ملامحها فعاجلها باقترابه اعتصر شفتيها ثم تركها لتصعد وقد خدرتها قبلته .
ابتسمت فهو يعرف كيف يردها إلى الطوق الذي اختاره لها .
رباب كساب
12/2/2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق