لا تؤمن باللاءات الثلاثة التي تحظر الجنس والسياسة والدين | 12/06/2011 |
العاطفة جعلتني أنتهي من روايتي الأخيرة في شهرين
أنا محافظة أكره الفجاجة وأكتب عن الجنس والدين والجمال
القاهرة - آية ياسر:
ساعدتها نشأتها واقامتها في قرية ريفية صغيرة, وعملها كمهندسة زراعية , على أن تتخذ لنفسها أسلوبًا بسيطًا في التعبير, لتبدوا معالم الريف ومفرداته واضحة البصمات على أعمالها. ورغم ذلك فقد نجحت فى تخطي بعض القيم التي يفرضها عليها مجتمع النشأة فرفضت لاءات الابداع ومحظوراته, حيث كتبت عن ختان الاناث, وعن العلاقات غير الشرعية, انها الكاتبة "رباب كساب" التي كان من المنتظر أن يصدر احدث اعمالها " لوحة اعلانات" في معرض القاهرة الدولي للكتاب منذ شهور قليلة ولكن قيام الثورة حال دون اقامته , حول هذا المجموعة وغيرها كان هذا الحوار:
ماذا عن القضايا والأفكار التي صاغت مجموعتك القصصية الجديدة "لوحة اعلانات"?
" لوحة اعلانات" مجموعة من القصص الاجتماعية, والرومانسية التي كتبتها على مدار "ثلاث سنوات", وتعبر عن حالة الاحباط التي يعاني منها المجتمع المصري, ويظهر ذلك بشكل كبير في قصة "لوحة اعلانات", التي تحمل المجموعة اسمها, وهي تتناول الأحلام التي تراود كل حبيبين يرغبان في الزواج والعيش سويًا, انها أحلام لا تتحقق الا في قصص من نسج خيالهم, فنجد حبيبين يقفان أسفل لوحة اعلانية ضخمة, تعلن عن عمارة سكنية تحت الانشاء, وهنا أخذا في تخيل مسكن الزوجية الخاص بهما, حتى أنهما تشاجرا حول اصيص الزرع وبأي مكان في شرفة منزلهما يضعون, انها قمة السخرية.
أبطال ناقصون
سبق هذا المجموعة روايتك "الفصول الثلاثة" والتي اسقطى فيها فصل الربيع, فما السبب?
لا أحد يصادف الكمال, ولأن أبطال الرواية من الواقع فهم ناقصون, ويبحثون عن الكمال, وعن فصلهم الضائع وهو الربيع, يبحثون عنه في الحب, والعمل, والطموح, والعلاقات الاجتماعية, لكننا في الحقيقة يمكننا خلق ربيعنا في الشتاء, أو الخريف, أو الصيف, لأن الربيع موجود في جميع مراحل عمرنا من دون أن نشعر به. ولهذا اخترت أن تتراوح أعمار شخصيات الرواية بين الثلاثين والستين, فالشباب في العشرين من أعمارهم لا يلتفتون وراءهم, عكس المراحل العمرية المتقدمة.
المتابع لأعمالك لا يستطيع ان يربطها بمدرسة معينة لماذا?
لأن كل عمل أدبي كتبته له حالته الخاصة به, وأنا لا أحب التقيد بمذهب معين, أو مدرسة محددة في الكتابة الأدبية, فقط العمل وقصته هما ما يحددان قالبه وشكله, وتوجهه, وقد ظهر الاتجاه الكلاسيكي, بوضوح في روايتي "قفص اسمه أنا", و"مسرودة". أما رواية "الفصول الثلاثة" فيظهر فيها الاتجاه الحديث في الكتابة حيث استخدمت فيها التقطيع المتوازي والتكثيف, وبشكل عام فأنا أميل الى المدرسة الواقعية في كتاباتي الأدبية.
تناولت أعمالك بعض القضايا الجريئة كختان الاناث, والخيانة الزوجية, والعلاقات غير الشرعية, ألم تخشي نظرة المجتمع لك?
عندما أكتب لا أفكر في نظرة المجتمع, فالكتابة حالة تفرض نفسها, وأنا أعبر عن تلك القضايا, من خلال وجهة نظري, فالبشاعة التي كانت تتم بها عملية الختان في ريف مصر, والتي تناولتها في مشهد حفل الختان الجماعي لفتيات المنطقة الواحدة بروايتي "مسرودة" حدث بالفعل مع بعض معارفي وقد حكوه لي, فالواقع به من المرارة ما يفوق الخيال, أما عن الخيانة الزوجية التي تناولتها في رواية "الفصول الثلاثة" موجودة بالفعل في المجتمع, ويختلف تقبلنا لتلك الفكرة من فرد لآخر.
ولماذا اخترت" مسرودة " اسمًا لروايتك وما الذي يعنيه?
"المسرودة" هي وجبة معروفة في بلدتي بمحافظة طنطا أحدى محافظات الوجه البحري, ولكنها تتسم بصعوبة صناعتها و"مسرودة" هو اسم بطلة روايتي وقد أطلقه عليها والدها لأنها ولدت وخرجت للدنيا عندما كان يتناول هذه الوجبة, التي تجيد عائلتها صناعتها, ثم ورثت ذلك عنهم, واتخذت من صناعة المسرودة تجارة, ومهنة لها.
حاصرت بطلة روايتك " قفص اسمه أنا" بين خيارين, حمل كل منهما تضحية كبيرة, فهي اما أن تختار حبها, أو طموحها, وهو ما اعتبره البعض قسوة منك?
عندما تنظرين للرواية جيدًا ستجدين أن البطلين فيها كانا أنانيين للغاية, الا أن "صفاء" كانت أكثر صراحة من " فتحي", حيث قررت أن تتخلى عن حبها, من أجل طموحها, وفي نهاية الرواية نجد أنها رغم حزنها لموت البطل, مازالت واقعية, فهي تدرك أنه لا أحد يحصل على كل شيء في الدنيا, لذا لم يكن بمقدورها أن تحقق طموحاتها وتتزوج من حبيبها.
الارتباط بالريف
لماذا يبدو ارتباطك بالريف واضحًا, في روايتيك "قفص اسمه أنا", و"مسرودة"?
لأنه محل ميلادي واقامتي, فأنا أعيش في مدينة ريفية صغيرة, كما أن عملي كمهندسة زراعية, زاد من تعاملي واحتكاكي بالمزارعين والفلاحين, ومن هنا تأثرت بهم في كتاباتي.
اذا عدنا لارهاصات الأولى التي دفعتك نحو الكتابة الابداعية فماذا تقولين عنها?
رغم حبي القراءة منذ نعومة أظافري, ألا أني اكتشفت قدرتي على الكتابة الأدبية, عندما كنت أؤدي امتحان اللغة العربية, في الشهادة الاعدادية , عندما طلب منا الممتحن كتابة قصة قصيرة, وبعدما انتهيت منها, عرفت أنه بامكاني تجسيد خيالاتي على الورق.
الى أي مدى تؤثر الحياة الشخصية للكاتب, من حب, وكراهية, وهجر على ابداعه, وانتاجه الأدبي, هل الحب يمنح ابداعك طابعًا مختلفًا?
دائمًا ما يطغى جانب على آخر في حياة الانسان, وأنا منذ زمن لم أعد أعبأ كثيرًا بالجانب العاطفي في حياتي, فأنا امرأة عملية. ولكن عندما ظهر الحب في حياتي غيرها بشكل كبير, وجعلني أرى أشياء لم انتبه لها من قبل, كما كان الحب داعمًا لبعض أعمالي الأدبية التي حققت نجاحًا كبيرًا, ففي روايتي الأخيرة "الفصول الثلاثة" تأثرت باخفاق عاطفي رهيب, ضاعف كثيرًا من معدل كتابتي, حتى أنني نجحت في الانتهاء من كتابة تلك الرواية في وقت قياسي للغاية, لم يتجاوز الشهرين, فالحالة النفسية التي عشتها شكلت بداخلي دافعا "قويا" للكتابة.
كيف ترين الابداع وهل من الضروري أن تصاحبه رسائل للقراء يعمل المبدع على توصيلها?
الابداع ليس سيفًا يحمله المبدع ليقهر به الصعاب, ويقوم المعوج, ويصلح الدنيا, ان الابداع حالة خاصة يعيشها الانسان وقد تتولد نتيجة لتجربة ذاتية, أو شخصية, وقد تنتج من خلال الرصد والمشاهدة لأشكال الحياة ومواقفها, التي تخلق حالة من الشحن داخل المبدع تنتهي في صورة أدبية. ان للمبدع عين ترصد المشكلات, وتضعها في بؤرة الاهتمام, ولكنه ليس هاديًا, أو مصلحًا للبشرية.
ما موقفك من المقدسات الثلاثة, المحظورة في الأدب?
لا أؤمن باللاءات الثلاثة , وهي لا للجنس, ولا للسياسة, ولا للدين, ورغم ذلك فأنا محافظة, ولا أحب الفجاجة, وأعشق الجمال. فعندما أكتب عن الجنس, أوالدين أتحرى الجمال وأنطلق من البحث عنه, ومع ذلك أقرأ كافة الأساليب الأدبية الأخرى, ولا أنكر ذلك على أحد.
ذهب البعض الى أن المجتمع الشرقي بعاداته, وثقافاته, ومحظوراته, قيد الابداع النسائي, هل توافقينهم?
بالطبع هذا صحيح, فهناك قيود فوق الخيال, فابداع المرأة أصبح قاصرًا على حدود علاقتها بالرجل, أو الحرية, والقليلات منهن تمردن على ذلك القالب, كالكاتبة "رضوى عاشور" التي كتبت في المجال التاريخي, وأنتجت لنا رائعتها "ثلاثية غرناطة" التي تتحدث عن سقوط الأندلس, والتحول الديني, وتنصير المسلمين بالاكراه. وهناك أيضا المبدعة "سلوى بكر" التي كتبت "البشموري".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق