الثلاثاء، 26 يوليو 2011

غاضبة كيف لا ؟!


غاضبة .. كيف لا ؟

أنا بتنفس حرية ما تقطع عني الهوا .

هكذا يشتعل صدري و تغني روحي أغنية اللبنانية جوليا بطرس وأنا هنا عاجزة ، مقطوعة عن كل الدنيا ، هنا في بلدتي الصغيرة معزولة عن الناس وعن الحركة ، لا أتمكن من مشاركة جموع الغاضبين غضبهم ورغبتهم الأكيدة في التغيير ، كيف لهذا النظام العاجز أن يضعنا في هذا المأزق لمجرد أننا طالبنا نحن جموع الشعب بتغييره ؟!!

كيف له أن يأمن غضبة شعب عزله بأن قطع عنه اتصالاته عبر الانترنت والهاتف والمواصلات ؟ كيف يجرؤ على أن يوقف حركة السكك الحديدية ويقطع الطرق البرية صحراوية وزراعية للوصول إلى عاصمة البلاد ؟

كيف له أن يحرمنا أن نكون يدا واحدة ؟

لقد أظهر الشعب المصري النائم منذ عقود طويلة أنه شعب أصيل قادر على أن يعيش تحت كافة الظروف بعد خيانة الأمن أمانته وتركه مواقعه ليعبث بها المخربون ويخرج السجناء والخارجون على القانون ليعيثوا في البلاد خرابا ويحاولوا تشويه سمعة أشرف ثورة على مستوى مصر والعالم .

ها هم يحرسون بلادهم ، أموالهم ، عقاراتهم ، أعراضهم ، ينظمون أنفسهم يسهرون على بلادهم ، إنهم أناس معجنون بالأصالة والوفاء ، لقد رأيت بعيني شباب المتظاهرين وهم يكنسون الشوارع وينظمون المرور ، ويدافعون عن أنفسهم ، تكاتف ما بعده تكاتف ، لقد أثبت للجميع بلا أية شبهة أنهم شعب يستحق هذه البلد ، يستحق التغيير ، يستحق الديموقراطية التي قال عنها وعنا ذات يوم رئيس الوزراء السابق أننا شعب صغير على الديموقراطية ، لا عذرا فأنت أيها النظيف الصغير على فهم شعبك وبلدك وأهلك ، إننا نستحق حياة أفضل مهما فقدنا من شهداء فلكل ثورة شهداء ولكل أرض دماء ترويها حتى تسترد .

قلمي اليوم يبكي يشاركني البكاء بكاء الفرحة وبكاء الحزن ، فرحة بثورتنا الرائعة حزنا على كوني لست الآن وسط الناس ، لا أتمكن من السفر ، جالسة أمام القنوات التي منعها النظام المنهار أن تجول في الشوارع لتنقل نبض الشارع فقط تتمركز كاميراتها على ميدان التحرير وحده وقطع اتصالات وبث قناة الجزيرة ، تاركا قنواته تبث ما يريد وتنقل عكس الحقيقة وتصدر لنا أصواتا لازالت تظن به الخير ولازالت تتقاضى جوائزه .

آه .. آه إن كل آهة هي آهة ألم على دم أريق بلا ذنب ، لقد رأيتهم يوم جمعة الغضب والقنابل تتساقط فوق رؤسنا كالمطرووقفت أمامهم عاجزة بلا إسعاف بلا قدرة على الحركة ، صرخت قائلة يا ابني أنا التي لم يكن لي ولد وقد يكون هذا المصاب في عمري لكن قلبي ولساني هتفا ببنوته دون أن أشعر .

لم يكن ذلك الصغير الذي حملوه بين أيديهم غارقا في دمائه يفكر قبل يوم جمعة الغضب أنه سيصرخ من بين ألمه ويقول : مش هسيبهم ، مش هسيبهم تحيا مصر .

عانقت عيني صدور وأقدام وأكتاف أصابها رصاصهم المطاطي .

الله .. الله كم هم رائعون .

وبرغم أن كل المحال مغلقة وجدت شابا يحمل زجاجات مياه كبيرة اندفع بها وسط جموع الشباب ليروي عطشهم ربت على كتفه ودعوت الله أن يحميه .

أظهر الشعب ما في جعبته بعد أن عاش عقودا مغيبا كأنه كان مخدرا ، تعلم لسنوات ألا يشغله سوى لقمة العيش اليوم فقط صحا ونادى بكرامته.

تغيير ، حرية ، كرامة إنسانية .

هتفت معهم وأنا أحس كل لفظة أنطق بها ، هتفت برغبة آسرة بأني أستحق أن أحيا بكرامة على أرض أطهر بلد .

صدقت يا سيدي يا رسول الله حين قلت ( استوصوا بشعب مصر خيرا فإنهم في رباط إلى يوم الدين) .

مهما قطعت عنا الهواء فنحن معا ، شكرا لك أيها النظام أنك فتحت صدورنا أخيرا على الحب ، على الوجود ، على الصراخ على حرية هي كل شيء وأغلى شيء .

1/2/2011

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...