الثلاثاء، 26 يوليو 2011

اعتذار مرفوض

تمكنت من كبح جماح غضبي بعد علمي بإخلاء سبيل السيدة سوزان ثابت حرم الرئيس السابق بعد تنازلها عن أموالها التي قدرت بأربعة وعشرين مليون جنيها مصريا فقط لا غير .

لكني لم أتمكن من عدم الغضب على الرئيس السابق حين امتلأ الانترنت بأخبار عن تنازله عن أمواله واعتذاره هو الآخر أسوة بزوجته وكل هذا في مقابل عدم المحاكمة وإخلاء السبيل .

كثيرا ما تساءلت كيف ينام هؤلاء قريرون العين مرتاحي البال وهم مرتكبين كل تلك الآثام ؟

وتذكرت الفاروق عمر حين قال ( لو تعثرت دابة في العراق لسئل عنها عمر ) .

كيف أسامح من غرق شبابه ورجاله ونسائه وأطفاله في عبارة السلام وذهب هو يشاهد مبارة لكرة القدم ؟

كيف أسامح من أهدر دماءنا وأموالنا وحرمنا من وسيلة مواصلات محترمة مما كان له كل يوم حادثة على الطريق هذا غير كارثة قطار الصعيد لن أنسى مشهد الأم التي جاءت لتلقي بطفلها من نافذة القطار فتفحمت وهو عليها ، مشهد رغم مرور تلك السنوات لم يفارق ذاكرتي أبدا ؟

كيف أنسى وكيف أسامح من دفع بعقولنا للهجرة لتلمس العلم في بلاد تحترم العلم وقد منعنا تعليما جيدا وأغلق السبيل أمامنا لنرتقي وننجح بكل وسائل القمع ؟

كيف أسامح من شجع نظم المحسوبية والرشوة فإذا كان رب البيت بالدف ضارب فشيمة أهل بيته الرقص ، فلأنه فاسد شاع الفساد في كل القطاعات منه شخصيا وحتى أصغر موظف .

لم أنس تلك العجوز التي جاءت تتوكأ على عصا لتقضي مصلحة لها في مقر عملي لم تكن قادرة على صعود السلم مد لها يده واحد من زملائنا وأجلسها على السلم وقال لها انتظري سأنهي لك الأوراق وأعيدها لك ، ذهب مصحوبا بدعائها ولكنه حين عاد وجدها تمد له يدها بجنيهين وقف مندهشا لأن تلك العجوز رسخ في ثقافتها أن لا شيء في هذا البلد بلا إكرامية ولا رشوة .

كيف أنسى أننا البلد الوحيد الذي به مستشفى لسرطان الأطفال ؟

نجحت زوجته في أن تقضي على شلل الأطفال فصارت تهلل لها الصحف ووسائل الإعلام جميعها ووثيقة الطفل ووثيقة الأسرة ولكنهم نجحوا في وجود أجيال مصابة بالسرطان والفشل الكلوي وفيروس سي .

دفعنا لنزرع الكانتالوب والفراولة وضيق على المزارعين زراعة القمح هذا غير التقاوي التي يزرعها المزارعون فتنتج محصولا جنينه ميتا فلا يتمكن من زراعته مرة أخرى لصالح شركات التقاوي وعمليات الاستيراد بعدما كان الفلاح قديما يزرع ويأخذ من محصوله ما يكفيه لاستهلاكه وأسرته ويحتفظ بجزء يزرع منه محصوله الجديد .

بتنا نعرف المبيدات والآفات التي لم تكن من قبل ، بتنا نستورد قطن وقد كنا في العالم أول من ينتج القطن طويل التيلة وكم أحزن حين أقرأ عن قطن مصر القديم أو أشاهد فيلما أجنبيا يحكي عن استيراد تقاوي القطن من مصر في عهود قديمة ، مصر كانت بالنسبة للغرب القطن والفراعنة فصارت لاشيء ، مصر مبارك لم تعد سوى الحليف الأمثل لبقاء أعدى أعداءنا بخير وسلام .

مصر مبارك قوارب هاربة بشباب يحلم بعيش كريم فيرقد في النهاية في باطن أسماك المتوسط .

مصر مبارك مغتربون بلا كرامة في أوطان استعبدتهم من أجل لقمة العيش .

مصر مبارك مغتربون عائدون بأفكار أصحاب رأس المال ليحطموا بها جدر بلدنا القديمة .

مصر مبارك شعب كريم يعيش على الفتات بينما هو ورجاله يحتفظون في كروشهم بكل مصر .

مصر مبارك فتنة ما كانت وما عرفناها .

مصر مبارك تقابل نداءات الحرية برصاص الغدر وقنابل الخيانة .

مصر مبارك كلمة مبتورة ، وعلم منقوص ، وشجاعة هاربة ، وكرامة ضائعة فبالله عليكم كيف أسامح ؟!!!

17/5/2011


المقال على موقع جريدة الثوار

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...