للعاديين كلمة
مقالي بجريدة البديل
http://elbadil.net/%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%83%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9/للمرة المليون أكرر أني لست بسياسية، لست من العاملين بها ولا المشتغلين عليها، لا من المنتفعين من ورائها، ولا من الضالعين فيها وبكل خيوط لعبتها القميئة التي سميتها قبل عام تقريبا لعبة السقم.
لم أعنى يوما بمظاهرة، أو بمتابعة المعارضة التي كنت دائما أعتبرها معارضة ( خالف تعرف ) أو المعارضة من أجل تحقيق مصلحة، المعارضة كانت هشة وضعيفة لذا لم تجن أية ثمار قوية إلا حين هبت جموع المصريين في 25 يناير وكانت الثورة التي كشفت هشاشة الجالسين على حكم مصر وسقوطهم في 18 يوم فقط لا غير.
لكن ــ بعد لكن علينا أن ننتبه ــ لماذا ذكرت هذه المقدمة ؟
ذكرتها لأبين أنني مواطنة عادية جدا، قد تصادفها في طريقك لا تنتبه، قد تصطدم بها فلا تفكر حتى أن تعتذر، مواطنة تحلم بحياة هادئة، هانئة، تختمها بما يتقبله الله منها لتكون نهاية حياتها في معيته سبحانه وتعالى.
لكن كيف أحقق ذلك ؟
كيف أصل لذلك وسط كل ما مررنا به حتى الآن ؟
لا أملك عصا سحرية أحول بها حياتي أو أستعيد بها هدوئي السابق ـ كنا من قبل في أمن وأمان ـ تلك كلماتهم التي كنت أقول ردا عليها كنتم آمنين بالخوف، كنتم ساكنين بالعجز، تنتظرون النهاية بلا أمل لأنكم لا تعرفون أن هناك ما هو أفضل.
وصلنا للمرحلة التي قالوا أن بعد الثورات هي مرحلة مألوفة ، لم أمر في عمري الثلاثيني بأية ثورات لأعرف لكن المطلعين على تاريخ بعض الثورات يقولون مرحلة اللا استقرار هذه أمرا عاديا هي فقط ليست عادية لنا نحن العاديون الذين كنا نعيش حياتنا بين عمل وبيت وتليفزيون والبعض منا من كان يحسب حساب يومان يقضيهما في واحد من المصايف يغسل فيها تعب العام.
العاديون الذين لا يعرفون الدستور والقانون الذين كانوا يخشون المرور أمام قسم الشرطة أو حتى مصادفة دورية تطلب منهم البطاقات التي لا ينسونها ولا يحملون كارنيهات عضوية في نوادي مجرد ذكر اسمها يجعل الضابط يلتفت راجعا وهؤلاء لا يركبون المواصلات كبقية البشر.
ماذا يريد العاديون؟
أن لا تسرق بهائمهم ( معذرة سكنى الريف تحكم ) وكأنها لم تكن تسرق قبل الثورة لكنهم يشكون الآن من تعدد سرقة المواشي.
أن لا تنهب تجارتهم ،معهم حق كل الحق ، من ينهب أكثر الحرامي الذي جاء يسطو على تجارتك خائفا مرتعبا ليلا أم مفتش التموين أو الصحة أو غيره ممن كنت تدفع لهم ؟
أن تؤمن طرقهم ضد الحوادث .... هذا مطلب جماهيري رائع لنا سنوات وسنوات وسنوات ننادي به الطرق بحاجة لأن تكون بمواصفات عالمية لكن ما دخل الطرق في رعونة السائقين، ودخولهم في سباقات لإثبات مهاراتهم وكل من اعتاد السفر على الطرق يعرف ذلك ( مهارات الأولى بها رالي السيارات الذي كان يعقد بجوار الهرم وتنقله قناتنا الثانية رحمها الله ) ما دخل الثورة في حوادث الطرق والسرقات والاغتصابات وغيرها ؟
كل ما هنالك أن كل هؤلاء الذين باتوا يشترون الصحف بعد الثورة ويجلسون أمام برامج التوك شو التي تكاثرت كالجراد عرفوا أن هناك في بلدنا قطاع طرق وبلطجية ولصوص ومغتصبين، أتذكر أني قبل بضعة أعوام قد كففت عن قراءة صفحة الحوادث من كثرة ما كانت تحمل من مآسي يشيب لها الولدان، ولو كنتم من متابعي التليفزيون مثلي وتجلسون ساعات طويلة تقلبون قنواته المعدودة قبل انتشار الوصلة بالطبع لكنتم من مدمني برنامج خلف الأسوار الذي كان ضيفه الأثير إسماعيل الشاعر ( لعنه الله ) وقد كان حافلا بجرائم ولا أفلام الأخوة الأمريكان.
لا أبرر تلك التجاوزات لكنها موجودة كل ما هنالك أن شعاع الضوء فقط سلط عليها ليس إلا.
ليست هذه مشكلتي وليست هذه سياسة وإن كان في تسليط الاضواء على ذلك شغل سياسي، مشكلتي أني كواحدة تعلمت لأول مرة كيف تخرج في مظاهرة كيف كانت ضمن ثورة شعبية، كيف هتفت لأول مرة بصوت عال ـ بغير تحية العلم في طابور الصباح ليردد التحية خلفها زملاءها وزميلاتها ــ يسقط حسني مبارك، عيش ، حرية ، كرامة إنسانية ، كيف تعلمت أنها جزء من نظام كبير وعالم أكبر أصبح للمرء فيه رأي لابد أن يسمع وكلمة لا سبيل لأن ترد لأنها كلمة حصلت عليها بدماء كل شهداءنا النبلاء الأطهار كلمة لابد ألا تفرط فيها مهما كان الأمر.
إذن فلقد دخلت اللعبة القميئة واحتللت مقعدا أمام سينما الوطن قد لا يكون مقعدا أماميا في الخلف هناك حيث تجاوزات الجمهور لكنه مكان موجود وعلي أن أتحدث منه وإن لم يسمعني من يجلس في الصف الأمامي علي أن أصرخ ليصل صوتي ولن أعود لحضن الصمت من جديد فلقد تعلمت الكلام .
لكل هؤلاء الذين يتلاعبون الآن بحقي وبحق كل مواطن عادي كفاكم اسمعوا الناس العادية الناس التي تركب المواصلات التي ارتفعت أجرتها ، الناس التي تشتري كيلو الفول بتسعة جنيهات والأرز بخمسة، الناس التي وعدتوها بحد أدنى للأجور تأهبوا له فتأهب من يتاجرون بأقواتهم برفع كل السلع الغذائية، الناس التي لا تعرف الدستور ، الناس التي تريد النوم بأمان وتأكل وتشرب وتتعلم وتنتج وتريد حقا أن تنتج.
عادت الناس للتحرير بوجوه جديدة رأيتها بعيني وجوه لم تحس التغيير فعادت تنادي به وعدت معهم على أمل أن أسقط النظام بحق، عدنا نريد حق الدماء التي أهدرت وضاعت حقوقها وماذا كان الرد؟
تغيير وزاري ... مليون مرحبا وأهلا وسهلا.
لكن أليس من باب إحقاق الحق أن أعيد الأمن والأمان أن أقول لمن صرخ بأنه لا توجد قناصة بالداخلية قتلت شبابنا كفاك واصمت ؟ أليس واجبا أن أقول لكل جهاز الداخلية وداعا ؟
أليس أولى من تغيير كل هؤلاء واستبدالهم بوجوه لا أعرفها ووجدت كثيرين غيري ( العاديون طبعا ) لا يعرفونهم أن الإبقاء على وزير الداخلية بطاقم ضباطه ومساعديه الذين تمت ترقيتهم في الحركة قبل أيام هو استفزاز لكل أم فقدت ضناها في هذه الثورة، لكل أب فقد عكازه ؟
أليس استفزازا لي أنا التي تعلمت الحرية في يناير الماضي ولكل من تعلمها معي؟
لا أفهم سياستكم ولا أريد أن ألعبها ، لا أريد حرب التخوين ، ولا خزعبلات الانتخابات وهوجة المرشحين وألعاب الإخوان والأحزاب وغيرهم لا أريد ، أريد حقي ، أريد أن أرى من أهرق دماء أولاد وطني يراق دمه، لم ولن أنسى الدم الذي كان يغسله البعض في واحد من الشوارع الجانبية أمامي دم شاب أظنه لم يكمل العشرين من عمره كان يصرخ وهم يحملونه يوم 28 يناير ( مش هنيسبكم ،بنحب البلد ،تحيا مصر).
دفع ثمن حبه لها عمره كيف لا آخذ أنا حقه ؟
18/7/2011
رباب كساب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق