اضرب المربوط يخاف السايب
المقال منشور بجريدة البديل
http://elbadil.net/%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%83%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A8%D9%88%D8%B7-%D9%8A%D8%AE%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%8A%D8%A8/
مثل مصري قديم نعرفه جميعا وكم من مكبل في وطننا يضربونه ليخاف آخرين نبذوا الخوف أو حاولوا التملص من براثنه.
كل منا له عزيز يخاف عليه ، كل رب أسرة له أطفال وزوجة هو راعيهم ماذا يفعل الأب إذا وجد نفسه بلا عائد، أو وجد ما بجيبه لا يكفي لشراء طعام لأسرته؟ سيظل الرجل يفكر ويفكر ثم في النهاية يلعن السبب ويلعن الجميع والكل كليلة.
هو مربوط وبحكم المثل هو المضرور هو المضروب حتى يمتنع من ينادون بحقوقه ويكفون عن السعي حتى يستقر.
حين تصبح السلع الممكن الاستغناء عنها رخيصة والمهمة غالية يكون في الأمور أمور فثلاثة كيلوات من اليوسفي بخمسة جنيهات بينما كيلو الخيار الواحد بخمسة جنيهات وكيلو الفلفل الأخضر بثمانية جنيهات لن تجد هذا المربوط إلا ناقما ، غاضبا، لكنه ليس بالضرورة ثائرا.
حين تجده مدهوس تحت الأقدام من أجل أنبوب البوتاجاز سيصب غضبه عليك ولكنه قد لا يثور سيحبس غضبه أو يخرجه على هيئة لعنات وسباب يصل حد الفحش أو يُخرج غضبه في امرأته ليس مهما كيف سيخرجه ولكنه لن يثور.
سيحنق على الثوار حين لا يجد البنزين وحين لا يجد السولار لمركبته أيا كانت خاصة أو أجرة سيسب ويلعن من في الميادين وشباب الانترنت الذين باتوا لديه بلا رابط ولا ضابط هم يريدون الدنيا على مقاسهم ولا يحسون به وهو يقف أمام أفران الخبز ولا يأخذ غير رغيف مغمس بالتراب خرج به من بين جموع لا تستطيع شراء خبز المحال أو السوبر ماركت أو الرغيف المحسن لا يستطيع سوى شراء رغيف الخبز المدعم بخمسة قروش أو بعشرة على أكبر تقدير.
سيسب ويلعن أكثر حين يتعرض أبناءه للخطف وقد انتشرت بشكل مفجع حوادث خطف الأطفال أدى الأمر أن يصاحب كل أب وكل أم طفله إلى المدرسة وإلى الدرس الخصوصي وغيره.
والجميع لا يعرف غير لغة واحدة ( الله يلعن الثورة على بتوع الانترنت ع اليوم اللي عرفنا فيه التحرير) لا أحد منهم فكر مليا أنه كان يتعرض لهذا الابتزاز منذ سنوات بنفس الطريقة حوادث غريبة في أوقات غريبة تلفت النظر عن الكثير مما يريدون تمريره دون كلمة، شغل الرأي العام بقضية ما عن مجريات الأحداث الجسام، طريقة التجويع والترويع هي الوسيلة الوحيدة لإرهابهم ليظلوا يتمنون مضي اليوم ويُصلون من أجل أن تمر حياتهم على خير ويجدون مدفنا يدفنون به ، ولا أخفي عليكم أني عرفت أناسا كان كل همهم أن يجدوا مترين أرض ليقيموا مدفن وهم بمقتبل العمر.
لا أحد يفكر وهو يدفع لأي موظف خمسة جنيهات أو أكثر حسب المصلحة التي يريد أن يقضيها أن هذا فساد سمح به الأكبر موقعا فباتت الأمور معقدة أكثر من اللازم وصارت شبكة من الفساد ونظام سائر عليه الجميع.
لماذا لا يفكر هذا المربوط المطحون أنهم يقتلون فيه شهوة الحياة يحولونه من إنسان كرمه الله بالعقل وتركه في الدنيا ليفكر ويتدبر ويعتبر أن هؤلاء يريدونه عبدا ذليلا لا إنسان له الحق في الاختيار والعيش الكريم ؟ لماذا نسى هؤلاء أبناءهم ضحايا مراكب الغدر على شواطئ إيطاليا وحلم الخروج من شرنقة البطالة والعجز؟ لماذا نسوا النكتة القديمة التي خرجت لتعبر عما هو حقيقي وبأفواههم لا سواهم النكتة باختصار( صاحب مقهى علق ثلاث صور على حائط مقهاه سأله أحدهم من هؤلاء قال مشيرا لأولهم إنه قائد ثورة 1952 الزعيم جمال عبد الناصر والثاني السادات قائد حرب أكتوبر والثالث حين أشار إليه قال أبو شريكي في القهوة ) إسقاط مصري خالص على أن هؤلاء ملكونا وملكوا أقواتنا وحياتنا حتى مشاريعنا البسيطة كان لهم فيها، إسقاط مصري على طبيعة الأمور التي ينكرها الآن المصريين تحت دعوى الاستقرار وعودة الأمن الذي ُسحب بالأمر نكاية فيمن تفوقوا عليهم بسلميتهم وبأحجار الأرض وهم يضربون الرصاص نكاية فيمن احتمى بصناديق القمامة وهم يضربونهم بكل قوة ويغتالون حلمهم في غد أفضل.
كتبت صديقتي طبيبة الأسنان والكاتبة (سمر علي) على صفحتها بالفيس بوك أنها وقفت أمام بنزينة بمدينة نصرلها واجهتين على شارعين ووجدت أن هناك سيارات تأخذ الوقود خفية من الناحية الأخرى للبنزينة فلفت من الخلف هي وقائد سيارة كان خلفها في الطابور وضغطوا على العمال حتى قاموا بمد سياراتهم وكل المنتظرين مثلهم بالوقود وقبل دقائق كانوا يقسمون أنَّ البنزينة خالية ولا يوجد بنزين بماذا تفسرون يا سادة أن يكون الوقود متوفر ويمنعونه إلا أن الأمر لإثارة غضب الناس وخاصة قبل موعد الثورة الجديدة.
بماذا تفسرون أنه لا ضابط ولا رابط على الأسواق ؟
بماذا تفسرون في دولة القانون أن يتعرض أي مواطن خارج من عمله لاعتداء آخرين عليه لمجرد أنهم يتبنون فكرة مخالفة له أو ينادون بشيء آخر غير ما يريده تحت مرأى ومسمع من رجال الشرطة والجيش؟
بماذا تفسرون أن يتم حماية مظاهرات مؤيدة للمجلس العسكري بينما المخالفين ولهم حق الاختلاف يتعرضون لوحشية الاعتداءات؟
ماذا عنيت سيدي رئيس الوزراء بأنك تضمن حماية كل معترض ومتظاهر بينما يتم قتل المعتصمين السلميين وسحل النساء بعد تعهدك ؟
وما أشبه الليلة بالبارحة حين خرج علينا رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق يوم الأول من فبراير من العام الماضي وقال بقوة أنه يحمي المتظاهرين بالميدان برقبته وما كان إلا ساعات واعتدي عليهم من راكبي الجمال في حادثة سيذكرها التاريخ بأنها الأولى من نوعها بعد عصر مركبات الفضاء .
وماذا يعني قول الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أن المشير أخبره بأن فيديو الفتاة المسحولة ( ست البنات ) ملفق ومزور وأن الجنود كانوا يغطونها غير كذب فاضح لأمر جلي وقد قابلت بنفسي شاب حاول أن يجذبها بعيدا عن ضرباتهم وأصيب في وجهه، وإذا قلنا أن المسحولة التي تعرت هذه تم تلفيق الفيديو ماذا عن عزة هلال التي لازالت تعالج مما تعرضت له صاحبة الرداء الأحمر التي ظهرت في الفيديو؟ ماذا عن خديجة الحناوي وغادة كمال وغيرهن.
ماذا عن موت الشيخ الأزهري عماد عفت وطالب الطب علاء عبد الهادي والمهندس محمد مصطفى، ماذا عن شهاب الذي يقف والده بثبات المؤمن الصابر لا يبغي غير حق ابنه الذي استشهد في بداية الثورة.
ماذا عنا نحن المواطنون العاديون الذين تمنوا أن يعيشوا حياة كريمة فيها عدل وكرامة .
متبنون فكرة الاستقرار وعزة الجيش لم نعرض يوما جيشنا الذي نفخر به لتلك المهازل بل هم المسئولون عن ذلك من شوهوا أمام أفراده كل ثائر على أرض مصر كل متبنين فكرة التغيير، لم نضع جنودنا في مواجهة أهليهم وترك الحدود الواجب عليهم الدفاع عنها بل هم ، هم من فرطوا في حق شهداء الحدود والآن يقتلون ذويهم.
كان المطلب عادلا أنك تعود ثكناتك وتترك الدولة لمواطنيها المدنيين ليديروها بالطريقة التي يريدونها ويرتضونها وفقا لدستور يكتبونه وقانون يُفعَلون العمل به هذا مطلب الثورة لم يكن التفافك عليها سوى أنك تحافظ على مصالحك الشخصية محطما بيديك خير أجناد الأرض وسيرتهم محطما بلدا بأكمله.
الفساد من الجذور وحتى قمة الشجرة إن لم نقتلعه خرجت أفرعا جديدة وثمار حنظل أخرى.
وأخيرا وليس آخرا أيها المصدقين كذب الإعلام وافتراء العسكري موافقتكم وتبريركم ما يحدث هو موافقة ضمنية لتكونون في مكانهم ذات يوم احذروا فالأيام دول.
عاشت ثورة مصر.
19/1/2012
رباب كساب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق