الأحد، 1 يناير 2012

ماذا لو كانت إيجابية ؟

القصة منشورة على موقع حريات

لم تكن بحاجة لمنبه ، صوت المؤذن بالجامع القريب هو منبهها اليومي ، قامت متكاسلة تنفض عنها بقايا النوم ، امتدت يدها تربت على كتف زوجها ببطء لتوقظه ليلحق بصلاة الفجر ، قابل الفراغ يدها فأصابها الذعر.
جاءها صوته من الحمام ليخبرها بأنه هناك فلا تقلق .
في طريقها إلى المطبخ نزعت ورقة اليوم الفائت من النتيجة ، توقفت برهة أمام التاريخ ثم مضت لتواصل رحلتها اليومية .
جلسا إلى مائدة الطعام سألها عن تاريخ اليوم ، أخبرته وأبدت دهشتها من السؤال ، قال : أعرف ولكني أتأكد .
- أتظن حقا ...؟
- ممكن لم لا .
ذهب إلى عمله فهو لا يأخذ أجازات مع العطلات الرسمية للحكومة ،بقيت هي في منزلهما ، في كل لحظة كانت تفكر في أنه من الممكن أن يحدث ما يتمنياه ، يرن هاتفها .
أمها تسألها عن نتيجة التحاليل بالأمس .
تخبرها أنها لم تظهر ، الطبيب أمه توفت وأغلق المعمل .
تكفهر الأم وتغلق الخط وهي تقول : أكان هذا وقت تموت فيه ؟
قالت بصوت هادئ لم يسمعه غيرها بعد إغلاق أمها الخط في وجهها : الأعمار بيد الله يا أمي .
بين حين وآخر تطلع من شباك الحجرة للشارع وكأنها في انتظار شيء ما .
تمد يدها بحذر لتفتح الكمبيوتر كأنها تخشى أن يخرج منه ما يلتهمها ، لكنها سرعان ما توجهت لصفحة الفيس بوك لازال الوضع كما هو هادئ الدعوات كما هي والسخرية منها في تزايد ، تجده على شات الفيس تخبره بأمر أمها معها ، يخبرها أنه رد فعل أمه بالضبط ، يواسي كلا منهما الآخر .
يطلب منها صينية بطاطس للغداء ، تضحك وهي تقول ألا تكتفي منها أبدا؟
- لأنها من يدكِ أنت .
- أحبك .
يرسل لها قبلة ويخبرها أنه اشتاق لها في تلك السويعات القليلة .
تكتب جملة تعبر عن حالتها وتنشغل بكم من التعليقات التي وردت عليها ولم يهمها سوى علامة الإعجاب منه .
تقوم مرة أخرى تطلع إلى الشارع الصامت صمت المجهول ، لا جديد .
تكتشف أن مطبخها بلا بطاطس ، تعود لحاسبها تخبره بأنها ستنزل لشراء بطاطس ، يثنيها خوفا عليها فتغير خطة الغداء .
زملاءه بالعمل يظنونه في انتظار أحد من كثرة وقوفه إلى جوار النافذة ونظره المعلق بالشارع .
يستأذن من مديره لينصرف لأنه يشعر بتوعك ، تغلق حاسبها وتنزل ولم يكن في نيتها شراء البطاطس .
تتلفت حولها كمن تبحث عن أحد .
يسير بلا هدف ويتلفت حوله كل دقيقة .
يرهفا سمعهما لكل حركة في الشارع .
يجدها في وجهه عند دار القضاء العالي ، يقفز السؤال من عينيهما واحدا ولا ينتظرا إجابة فهما يعرفانها مسبقا .
يأخذ كفها بكفه يسيرا في المكان ، تتسرب له برودة يدها ، يتدفق دفء يده حثيثا لها ، لا يتحدثا كثيرا .
يرقبان التجمعات القليلة ، الناس من حولهما يتدفقون ، لا يصدقان ، الجميع من حولهما مثلهما ؛ الدهشة تعقد الألسنة لكن الروح التي كانت في سبات هبت مرة واحدة .
ابتسامات يتبادلونها ، تتعانق الحناجر على كلمة واحدة ، يغزلن من حروفها الثلاثة الشجاعة ليهتفا باسمها .
يلونون حلمهم بلونها الأوسط ، ويهجرون سابقهم الأسود ويتمنون أن ينثروا على جبهتها وردا أحمر .
مشوا معا لسان حالهم يهتف بالجميع أن ينضم إليهم .
تفكر في أمها وأمه حين يعلمان بما تفعل ماذا لو كانت نتيجة التحاليل إيجابية ؟!
كان يفكر بما تفكر وهما يذوبا في الزحام وهتافات الحرية ،نظرت له وأمعنت السباحة في عينيه التي أجابتها بحنو : فداء لها ألف ألف طفل .
16/5/2011


ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...