الجميلة زينب عفيفي تكتب عن فستان فرح بصفحتها كلام في الكتب بجريدة أخبار اليوم عدد 15 يونيو 2012
إلي هؤلاء الذين وهبونا المعني وغادروا قبل أن يرتدوا حُلة الفرح.إلي كل من بذل جهدا في صنع فستان فرحها ولم يرها عروسا. وحدكم صنعتم تاريخا وشمناه في قلوبنا، بفضلكم صارت لدينا حكايات تحملها كتب التاريخ، وروايات أنتم أبطالها، كنتم نبت الأرض الذي لولاه ما عشنا، لكم وحدكم... فستان فرح. كان هذا إهداء »فستان فرح« رواية رباب كساب الجديدة التي بدأت كتابتها في عام 2010 وظنت أنها لن تكملها أبدا بعد أن توقفت عن الكتابة قبل الثورة فإذا بالثورة تأتي لتنصف العمل وتعيده للحياة مرة أخري فما كان منها إلا أن وهبت كلماتها لشهداء مصر ومصابيها من ساهموا في أن يتغير شكل مصر .
رصدته الرواية فكانت خليطا متباينا من حال مصر قبل الثورة، فساد، كوارث، إضرابات، فتن وغيرها من المشكلات التي واجهها شعب مصر بجلد كبير، حتي كانت انتخابات مجلس الشعب عام 2010 والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وشرارة ارتفعت معها الأصوات المعارضة حتي أتت تونس فألقت بياسمينها ليزهر لوتس مصر في الخامس والعشرين من يناير وذلك من خلال أبطال العمل الذين ينتمون للطبقة الكادحة من الشعب.
رصدت إخفاقاتهم في الحياة الخاصة والعامة، في الحب، العمل، الزواج.
تعرضت للفتنة الطائفية التي تلاعب بها النظام السابق لخلق ساحة مشتعلة دائما يربح من خلالها جولاته في هزيمة الشعب.
من رضوي والأهبل الذي ترتبط به بعلاقة تخاطرية غريبة دعت طبيبه لدراستها، ولجيرانهم ليتساءلوا عن سر هذا الارتباط الذي بدا جليا لهم تتفرع كل خيوط العمل، رضوي التي (بينها وبين النوافذ عشق غريب، وقفت خلف زجاج النافذة تستطلع حبات المطر المتساقطة، تلهث وتعبث ببخار الماء المتكثف علي الزجاج بحروف اسمها كالأطفال، النافذة حلم لا يتحقق ولكنه يؤكد وجوده.
النافذة براح من لا يملك البراح هكذا يخبرها هشام كلما وجدها تتجه نحو الشباك، تزيح ستائره وتنظر للفراغ دون التركيز علي شيء.)
ترتبط بصديق والدها وزميلها في العمل منير بعلاقة وطيدة، كان بديل والدها، لم تأبه يوما باختلاف عقيدتيهما كان لها مرشدا ودليلا آراؤه وحكمته سبيلها لتخطي الكثير مما كانت تواجهه في الحياة (إن لم تنقذنا الأجوبة من براثن الحيرة فخير بنا ألا نسأل.
كانت إحدي جمل منير المميزة، تذكرتها رضوي وهي تحاول أن تنجو بنفسها من براثن الحيرة التي تعيش فيها منذ اختفاء هشام وحتي رجوعه، يتصل بها يوميا حتي اضطرت لتغيير رقم هاتفها، بات يلاحقها في المدرسة، في البيت، لكن وجهها المتجهم ورفضها لمقابلته جعلاه يوشك علي الاستسلام، فكره الخاطئ جره لهذا العذاب، عذابه لها باختفائه المفاجئ يقضي شيئا فشيئا علي حبها له، إنها لا تستطيع الغفران.
يخلق منا الألم وحوشا ضارية لا تعرف إلا الافتراس ولكنه في بعض الأحيان يحولنا لحملان وديعة، كانت آخر كلماتها له : إحذرني فلم أعد أنا).
كان السفر وسيلة للهرب من المجتمع المتداعي ومن خيبات الأمل في الحياة (علي صفحة الغربة تتجلي الذكريات البعيدة للوطن المتروك عنوة، نختارها بإرادتنا لكننا نقع في براثن الحنين رغما عنا).
حلم التغيير يراود البعض لكن البعض الآخر يائس من كل شيء (بدأت حواراتهما تتخذ شكلا عدائيا، هو مفعم بالأمل ينتفض كلما وجد مصيبة من مصائب البلد تخرج من مكمنها، وهي في قمة اليأس من الإصلاح، من التغيير، إن كلمة التغيير هذه آخر ما تعتقد أنه يحدث).
وبدأت الدعوات للنور تخرج وتنادي الناس ليبدأوا في تحقيق الحلم (شعرت رضوي بشيء غريب يصيبها مع ثورة تونس التي بدأت تعرف الحرية يوم الرابع عشر من يناير، لكنها لم تقبل بتلك الدعوة التي جاءتها للقيام بثورة يوم عيد الشرطة المصرية.
كيف نقوم بثورة محددة الموعد مسبقا؟
مصر ليست تونس.
النظام غير النظام.
كل شيء معد للوريث، برلمان مجهز ليمرره ويضعه علي قمة دولة يحكمها أبوه منذ ثلاثين عاما.
تحمس هشام للدعوة وبات ينشرها ويدافع عنها، يتحمل سباب المعارضين، يحاول إقناعها، عايدة أيضا تدعوها لتشاركهم الأمل.
أمل؟!!
أي أمل هذا الذي يتحدثون عنه في بلد خامد مات أهله منذ زمن ؟!! أقصي أحلامهم أربعة جدران تضم أوصالهم المتعبة، سرير وامرأة ينفثون بداخلها غلهم وذل الحاجة.)
لكنها قامت وخرج الشعب من سباته رصدت الرواية الثمانية عشر يوما التي انتهت برحيل المخلوع (للثواني حس الساعات، للدقائق ثقل السنين، للساعات وجع القرون، انتظار مميت.
الكل متعلق بما يسد رمقه، ما يبدد عطشه، أنفاس تترقب نتيجة أكبر اختبار، لا أحد يعرف القادم، لا أحد معه النتيجة من كنترول الزمن، كل في انتظار، ترقب، أمل.
يطل من شاشة التليفزيون بوجه متجهم، جامد، في هدوء يهز الأعصاب، بكلمات قليلة نطق............
زغرودة شقت سماء الميدان انطلقت من هند، أعقبتها زغاريد كثيرة، قفزات فرح في الهواء، صراخ، ضحكات، سجدات شكر، ابتسامات، عناق، غناء.
تعيشي يا ضحكة مصر).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق