الثلاثاء، 26 يونيو 2012

فستان فرح بأخبار اليوم

الجميلة زينب عفيفي تكتب عن فستان فرح بصفحتها كلام في الكتب بجريدة أخبار اليوم عدد 15 يونيو 2012





إلي هؤلاء الذين وهبونا المعني وغادروا‮  ‬قبل أن يرتدوا حُلة الفرح‮.‬إلي كل من بذل جهدا في صنع فستان فرحها ولم يرها عروسا‮. ‬وحدكم صنعتم تاريخا وشمناه في قلوبنا،‮ ‬بفضلكم صارت لدينا حكايات تحملها كتب التاريخ،‮ ‬وروايات أنتم أبطالها،‮ ‬كنتم نبت الأرض الذي لولاه ما عشنا،‮ ‬لكم وحدكم‮... ‬فستان‮  ‬فرح‮.‬ ‬كان هذا إهداء‮ »‬فستان فرح‮« ‬رواية رباب كساب الجديدة التي بدأت كتابتها في عام‮ ‬2010‮ ‬وظنت أنها لن تكملها أبدا بعد أن توقفت عن الكتابة قبل الثورة فإذا بالثورة تأتي لتنصف العمل وتعيده للحياة مرة أخري فما كان منها إلا‮ ‬أن وهبت كلماتها لشهداء مصر ومصابيها من ساهموا في أن يتغير شكل مصر‮ .

‮ ‬رصدته الرواية فكانت خليطا متباينا من حال مصر قبل الثورة،‮  ‬فساد،‮ ‬كوارث،‮ ‬إضرابات،‮ ‬فتن وغيرها من المشكلات التي واجهها شعب مصر بجلد كبير،‮ ‬حتي كانت انتخابات مجلس الشعب عام‮ ‬2010‮ ‬والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير،‮ ‬وشرارة ارتفعت معها الأصوات المعارضة حتي أتت تونس فألقت بياسمينها ليزهر لوتس مصر في الخامس والعشرين من يناير وذلك من خلال أبطال العمل الذين ينتمون للطبقة الكادحة من الشعب‮.‬
رصدت إخفاقاتهم في الحياة الخاصة والعامة،‮ ‬في الحب،‮ ‬العمل،‮ ‬الزواج‮.‬
تعرضت للفتنة الطائفية التي تلاعب بها النظام السابق لخلق ساحة مشتعلة دائما يربح من خلالها جولاته في هزيمة الشعب‮. ‬
من رضوي والأهبل الذي ترتبط به بعلاقة تخاطرية‮ ‬غريبة دعت طبيبه لدراستها،‮ ‬ولجيرانهم ليتساءلوا عن سر هذا الارتباط الذي بدا جليا لهم تتفرع كل خيوط العمل،‮ ‬رضوي التي‮ (‬بينها وبين النوافذ عشق‮ ‬غريب،‮ ‬وقفت خلف زجاج النافذة تستطلع حبات المطر المتساقطة،‮ ‬تلهث وتعبث ببخار الماء المتكثف علي الزجاج بحروف اسمها كالأطفال،‮ ‬النافذة حلم لا يتحقق ولكنه يؤكد وجوده‮.‬
النافذة براح من لا يملك البراح هكذا يخبرها هشام كلما وجدها تتجه نحو الشباك،‮ ‬تزيح ستائره وتنظر للفراغ‮ ‬دون التركيز علي شيء‮.)‬
ترتبط بصديق والدها وزميلها في العمل منير بعلاقة وطيدة،‮ ‬كان بديل والدها،‮ ‬لم تأبه يوما باختلاف عقيدتيهما كان لها مرشدا ودليلا آراؤه وحكمته سبيلها لتخطي الكثير مما كانت تواجهه في الحياة‮ (‬إن لم تنقذنا الأجوبة من براثن الحيرة فخير بنا ألا نسأل‮.‬
كانت إحدي جمل منير المميزة،‮ ‬تذكرتها رضوي وهي تحاول أن تنجو بنفسها من براثن الحيرة التي تعيش فيها منذ اختفاء هشام وحتي رجوعه،‮ ‬يتصل بها يوميا حتي اضطرت لتغيير رقم هاتفها،‮ ‬بات يلاحقها في المدرسة،‮ ‬في البيت،‮ ‬لكن وجهها المتجهم ورفضها لمقابلته جعلاه يوشك علي الاستسلام،‮ ‬فكره الخاطئ جره لهذا العذاب،‮ ‬عذابه لها باختفائه المفاجئ يقضي شيئا فشيئا علي حبها له،‮ ‬إنها لا تستطيع الغفران‮.‬
يخلق منا الألم وحوشا ضارية لا تعرف إلا الافتراس ولكنه في بعض الأحيان يحولنا لحملان وديعة،‮ ‬كانت آخر كلماتها له‮ : ‬إحذرني فلم أعد أنا‮).‬
كان السفر وسيلة للهرب من المجتمع المتداعي ومن خيبات الأمل في الحياة‮ (‬علي صفحة الغربة تتجلي الذكريات البعيدة للوطن المتروك عنوة،‮ ‬نختارها بإرادتنا لكننا نقع في براثن الحنين رغما عنا‮).‬
حلم التغيير يراود البعض لكن البعض الآخر يائس من كل شيء‮ (‬بدأت حواراتهما تتخذ شكلا عدائيا،‮ ‬هو مفعم بالأمل ينتفض كلما وجد مصيبة من مصائب البلد تخرج من مكمنها،‮ ‬وهي في قمة اليأس من الإصلاح،‮ ‬من التغيير،‮ ‬إن كلمة التغيير هذه آخر ما تعتقد أنه يحدث‮).‬
وبدأت الدعوات للنور تخرج وتنادي الناس ليبدأوا في تحقيق الحلم‮ (‬شعرت رضوي بشيء‮ ‬غريب يصيبها مع ثورة تونس التي بدأت تعرف الحرية يوم الرابع عشر من يناير،‮ ‬لكنها لم تقبل بتلك الدعوة التي جاءتها للقيام بثورة يوم عيد الشرطة المصرية‮.‬
كيف نقوم بثورة محددة الموعد مسبقا؟
مصر ليست تونس‮.‬
النظام‮ ‬غير النظام‮.‬
كل شيء معد للوريث،‮ ‬برلمان مجهز ليمرره ويضعه علي قمة دولة يحكمها أبوه منذ ثلاثين عاما‮.‬
تحمس هشام للدعوة وبات ينشرها ويدافع عنها،‮ ‬يتحمل سباب المعارضين،‮ ‬يحاول إقناعها،‮ ‬عايدة أيضا تدعوها لتشاركهم الأمل‮.‬
أمل؟‮!!‬
أي أمل هذا الذي يتحدثون عنه في بلد خامد مات أهله منذ زمن ؟‮!! ‬أقصي أحلامهم أربعة جدران تضم أوصالهم المتعبة،‮ ‬سرير وامرأة ينفثون بداخلها‮ ‬غلهم وذل الحاجة‮.)‬
لكنها قامت وخرج الشعب من سباته رصدت الرواية الثمانية عشر يوما التي انتهت برحيل المخلوع‮ (‬للثواني حس الساعات،‮ ‬للدقائق ثقل السنين،‮ ‬للساعات وجع القرون،‮ ‬انتظار مميت‮.‬
الكل متعلق بما يسد رمقه،‮ ‬ما يبدد عطشه،‮ ‬أنفاس تترقب نتيجة أكبر اختبار،‮ ‬لا أحد يعرف القادم،‮ ‬لا أحد معه النتيجة من كنترول الزمن،‮ ‬كل في انتظار،‮ ‬ترقب،‮ ‬أمل‮.‬
يطل من شاشة التليفزيون بوجه متجهم،‮ ‬جامد،‮ ‬في هدوء يهز الأعصاب،‮ ‬بكلمات قليلة نطق‮............‬
زغرودة شقت سماء الميدان انطلقت من هند،‮ ‬أعقبتها زغاريد كثيرة،‮ ‬قفزات فرح في الهواء،‮ ‬صراخ،‮ ‬ضحكات،‮ ‬سجدات شكر،‮ ‬ابتسامات،‮ ‬عناق،‮ ‬غناء‮.‬
تعيشي يا ضحكة مصر‮).‬

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...