الثلاثاء، 12 يونيو 2012

خير أجناد الأرض ... ولكن

خير أجناد الأرض ... ولكن


مقالي الشهري بمجلة التحكيم الدولي



كان صوت موسيقاهم دائما أعلى من صوت طلقات الرصاص لم يكن لصوتهم من حواجز ولا سواتر مانعة، لم يكن هناك غير أنغام حناجرهم المنطلقة بقوة كقوة رصاص قاتليهم لا يملكون دافعا غير الحق وسلميتهم وما أكبر من الحق دافعا ومحركا.
هم يعزفون على أوتار الحق نغمة تشق الحجر وتنقش الكلمات فلا تنمحي، يصبغونها بدمائهم التي أراقها رصاص الغدر، إنهم الثوار الذين خرجوا ينشدون الأمل فكفنوا أحلامهم بالدم.

قالت لي : إنهم يضربون بغل لم أره من قبل.
تلك كانت كلمات شريكتي في أغلب ما واجهنا منذ السادس والعشرون من يناير 2011وهو اليوم الذي انضممت فيه للثوار الغاضبين وقد صدقت أن الشعب حقق أمنيتي وتعلم معنى الثورة، لم أكن أصدق أن الدعوة الموجهة للخروج للثورة بموعد مسبق ستجد من يلبيها وخاصة أنني كنت أدور متحدثة بها بين الناس فأجد الكثيرين لا يعرفون عنها شيئا والكل يردد مصر ليست تونس ، إلا أنني حين رأيت جموع الغاضبين يوم الخامس والعشرين هرعت إليهم ومن يومها لم أهجرهم.
أخذت كلمة صديقتي التي تواجدت في أحداث العباسية الأخيرة دون علمي لأنني وهي رفضنا الاعتصام وفكرة التواجد هناك فآثرنا البعد والمراقبة من بعيد، لم تكن كلماتها جديدة هي فقط كانت سبيلي لصدق ما يقوله آخرون منذ بدء اشتباكات العباسية وحتى يوم الجمعة 4 مايو 2012فبمتابعة الفيس بوك وتويتر كانت الملاحظة واحدة ( إنهم يضربون بغل ) لماذا تحول جزء منا عضو من أعضاء جسد الوطن المكلوم ليكون أداة قمع قاسية بهذا الشكل الغريب؟!
ما الذي أوهموا به جنود مصر ليتحولوا لآلة قتل لا تتورع عن قتل الأخ والأخت، الأب والأم؟
كانت علامات التعجب تواصل تمددها وتكاثرها منذ أن بدأ الجيش يضرب الثوار ويعتدي عليهم من مساء يوم التاسع من مارس عام 2011، لم أنس شهادة أحد الشباب في روايته عما حدث يوم التاسع من مارس من العام الماضي كتب قائلا : كنا نجلس نتسامر مع جنود الجيش ونضحك وفجأة وجدت الجندي قد حل ( القايش ) حزام بنطاله وقام بالاعتداء علينا هو وزملائه وضربنا بالصواعق الكهربية والعصي وبين ضربة وأخرى يصرخ الجندي المسكين ( غصب عني أوامر ) !
شتان بين جندي يضرب بأمر وجندي يضرب بغل ورغبة في الانتقام ولكن ممن تنتقم ؟ ولماذا تنتقم ؟!
أنتم المعتدون منذ البداية، أنتم الأداة التي يمتلكها الطرف الثالث الذي أوهمونا بوجوده دائما لوأد حلم التغيير والثورة ، عام وبضعة أشهر ونحن نستقبل كل شهر عدد شهداء يدمي القلوب يخضبون أرض بلدنا بدماء كانت من طهارتها أن ثبتتنا أكثر على موقفنا وعلى رغبتنا الأكيدة في وطن أفضل وجعلتنا ندرك كم نحن محقون رغم كل محاولات إجهاض الثورة ودفعنا للإحباط واليأس.
لن أتحدث عن أسباب اعتصام العباسية ولا جدواه كنت أرفضه من البداية ولكني كنت مع حق أي مواطن يريد الاعتصام والتظاهر لست مع اعتصام خرج من أجل شخص ورفض مبدأ وافقوا هم عليه باستفتاء حولوه لصراع ديني ورآه المجلس العسكري مباركة لوجوده وضرب بـ ( لا ونعم ) عرض الحائط ووضع إعلانا دستوريا سعد به أنصار ( نعم ) الذين يرفضونه الآن ويريدون تغييره ولكني مع حرية التعبير لأبعد مدى لهذا لم أكن معهم ولكني لست عليهم ولن أستبيح دماءهم مهما حدث ولم أفرح لإراقتها كما فعل غيري ممن توهموا فعلا بأن المجلس العسكري يحمل الاستقرار لمصر ويحمل الخير وقد بينت الأيام مدى سوء إدارته لتلك الفترة الانتقالية الهامة في تاريخ مصر.
لكن المهم لماذا حدث التصعيد الذي كانت نهايته انتصار الجنود في معركة غير متكافئة حتى أنهم رقصوا على دماء إخوانهم فرحا بالنصر المزعوم ولا بئس ما انتصروا فيه لم أجدهم ينتفضون ويسعون للانتصار حين قتل ست من زملائهم على يد عدونا الحقيقي على الحدود، كيف استبدلتم العدو بابن جلدتكم بابن أبيكم ؟ لم تستحوا فلم تفرقوا بين امرأة أو طفل بين شاب أو عجوز .
من قبل في ديسمبر الماضي عريتم ست البنات و قبلها بقليل انتهكتم حرمة مسجد عمر مكرم ودخلتموه ببياداتكم للقبض على ثوار مسالمين قرروا الإفطار في أول أيام رمضان في ميدان الحرية، وفي هذا الشهر دخلتم مسجد النور بالعباسية بنفس الطريقة الهمجية دون أن تختلفوا عن جند نابليون الذي أمل فيكم ذات يوم ليغزو الأرض ويمتلكها ودنستم المسجد بأحذيتكم مرة أخرى.
لم تتعلموا آلية فض الاعتصامات بعد فاستعملتم قوة في غير محلها وساعدتم في إراقة المزيد من الدماء،ووجود أكثر من ثلاثمائة معتقل في يوم واحد من بينهم خمسة عشر فتاة أعلم أنه تم الإفراج عنهن ولكن بعد ماذا بعد ليلة ليلاء قضينها في إهانات ورعب لا مثيل له ويمكنكم أن تعرفوا من شهادة الدكتورة آية محمد كمال مقدار جرمكم، بل وشاهدوا أيضا يا جنود وطني يا حماة أرضي أثار الضرب على جسدي صحفيي البديل وغيرهم ممن أخذتموهم عنوة وحطمتم كبرياءهم وكاميراتهم التي خشيتم أن تفضحكم وتفضح جرائمكم.
لعلكم تتذكرون عزة هلال التي حاولت الدفاع عن ست البنات فكان نصيبها السحل والضرب وها أنتم بعد خمسة أشهر تقتلون خطيبها ( عاطف الجوهري ) فتحرموها من سعادتها كما تحرموها معنا من وطن يريد العزة والكرامة، عاطف كان وجه من وجوه الثورة حنجرة تهتف بالنغم الحقيقي ( عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية ) إنها مطالب الثورة التي كانت ستشملكم معنا يا خير أجناد الأرض لو كنا حققناها لكنتم معنا لأننا نعتبركم منا وجميعنا جسد مصر.
ليتكم تعرفون أننا واحد فلا تدعوا أحدا يورثكم الغل تجاهنا ولا يشعل فتيل الكراهية بداخلنا كلما قتلتم منا روحا غالية لا زالت الفرصة سانحة يا جيش مصر لنصرخ ثانية كما صرخنا مساء جمعة الغضب بعد انسحاب الشرطة ونزولكم ( الجيش والشعب إيد واحدة ).
كونوا حقا خير أجناد الأرض واهتفوا معنا لأجل الوطن وقوة بنيانه ولنعد جزءا لا يتجزأ من نسيجه ... عاشت ثورة مصر.
رباب كساب
12/5/2012

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...