الثلاثاء، 12 يونيو 2012

لوحة إعلانات


القصة منشورة بموقع العرب اليوم

كان لقاؤهما دربًا من الجنون، اختارا مكانًا يتيهان فيه بين البشر، لم يكن هناك غيرهما رغم الزحام.
استقرت راحتها بين راحته، غاصت أصابعها بين أصابعه..... تاهت.
سمحت له أن يطرق باب حجرتها غير عابئة بعريها.
للون السماء وجسدها علاقة قوية، موسيقى تعزفها خلاياها يعرف كيف يستمع لها وكيف يظفر بها دون غيره.
هناك بين الزحام كان لأصابعهما رأي آخر، كانت لتلك الآهة المستترة فعل سكين تم شحذه لتوه.
استقلا حافلة؛ الناس من حولهما يرتشفون من ماعون الألم، تصرخ وجوههم بأحوالهم، تزداد التصاقًا به، يزداد ضغطًا على أناملها الممتزجة بلحمه.
تسلقت شفتيه تلك الربوة الشامخة بعزتها، نزعت أنامله لون السماء عنها، بات للأرض فعل البقاء وهو يغرس في جوفها الأمل، بقى من السماء ليل يشارك الأرض فتوتها.
سلم الحافلة محطة التقاء، محطة فراق، سلم الحافلة انتقال بين بين، ها هي الأرض تتلقف أقدامهما، تخرس أفواههما، تبعث فيهما بنار تدغدغ الحلم الساكن أسفل لوحة إعلانات كبيرة تصر بأن الأمر مستحيلاً.
استندت للجدار وقد ارتدت السماء مرة أخرى، شعرها المهوش دفع به لواحة غجرية ، تعلق برمل الصحراء المنعكس على الجدار ، الغجر رُحَّل ، ما كان ليرحل ويترك الشمس تلملم لونها الأحمر من شعرها وتمضي.
عادت أصابعها تمتزج بلحمه.
أسفل لوحة الاعلانات طالت وقفتهما، انتقت المكان، حددت الطابق، قال هنا سيكون.....
قالت : وهنا سيكون...
كان كل شيء معدًا، حتى تلك اللحظة التي غادرت فيها الشمس ولملمت أشعتها هاربة بالأحمر من شعرها، تلك اللحظة التي نزع السماء عنها وسكن جوفها.
جاءت حافلة أخرى، استقبلا سلم الحافلة المزدحم بابتسامة، نظرة وداع لتلك اللوحة الحلم.
في الغد كانا على موعد، لقد نسيا أصيص الورد البلدي الذي سيضعانه في ركن شرفتهما الأيمن.

ليست هناك تعليقات:

حواري لجريدة السياسة الكويتية

رباب كساب: حان وقت تجديد دماء الساحة الأدبية أجرت الحوار شروق مدحت  تمردت على الظروف المحيطة ،رافضة الاستسلام لعادات وت...